مقاعد جبل العرب أبواب مفتوحة للضيوف وصروح تاريخية

السويداء-سانا

عرفت مقاعد عائلات جبل العرب التراثية منذ عقود بتشريع أبوابها أمام الضيوف وعابري السبيل لاستقبالهم وإكرامهم والتي بقيت حتى سبعينيات القرن الماضي تتبع لشيخ أو كبير القرية أو العائلة.2

ويتميز المقعد بانفراده بطريقة البناء حيث يتكون من ثلاثة جدران على شكل صندوق مفتوح والجدار الرابع على شكل قناطر مفتوحة صيفا شتاء ولا يحوي بابا كما أنه يتسع لعدد كبير من الأشخاص ويحوي بداخله مصاطب تفرش على الطريقة التقليدية مثل المضافة التي في أغلب الأحيان تجاوره في البناء وتكون مجهزة لتأمين إقامة كل من جاء في المساء ليقضي ليلته في هذا المكان مكرما.

ويقوم أبناء العائلة بالتناوب على رعاية المقعد والتواجد فيه والقيام بواجباته كاعداد القهوة العربية والماء وتنظيفه وإكرام الضيوف بشكل دائم كما يجتمع أهالي القرية فيه للتباحث في الأمور وتبادل الأفكار ويحتضن المقعد الأهالي والضيوف في حالات الأفراح والعزاء ومجمل المناسبات الاجتماعية.

ومن بين المقاعد الكثيرة في جبل العرب مقعد آل المغوش في بلدة خلخلة الذي تعرض للقصف من قبل الاحتلال الفرنسي الذي أمر بهدمه كرد على تاريخ العائلة النضالي لكن لم يتوان أبناء العائلة عن إعادة بنائه وبعد أن كان عبارة عن قناطر حجرية عريضة تم بناؤه وفق السائد في تلك المرحلة ليستمر إلى هذا التاريخ ضمن التقليد القديم مفتوحا للزوار.

وكانت فكرة إقامة المقاعد العائلية تقتصر على العائلات المعروفة لكن بعد الانتهاء من معارك جبل العرب مع الاحتلال العثماني اصبحت عامة حيث قرر معظم الأهالي متابعة الحياة وإنشاء مكان للضيافة فبنوا المضافة للشتاء والمقعد للصيف.

ويعتبر المقعد المرجع والمركز الرئيسي والأول لكل ضيوف القرية والذي منه ينطلق الضيف لمتابعة مهامه والتنقل إلى المكان المقصود إضافة إلى أنه مكان خاص لفك النزاعات والخلافات قبل أن تتحول إلى البغيضة والكره كحوادث القتل والسير وغيرها وأخذ الدور الأساسي بكل القضايا حيث أن كثير من كبار ووجهاء القرية يعتبرونه محكمة للصلح.3

يعد مقعد آل الجرمقاني في بلدة عرمان أحد أهم الأماكن التراثية والأثرية وأقدمها يقول أبو سعيد خليل الجرمقاني لـ سانا “إنه بني أمام مضافة العائلة منذ أكثر من 150 عاما بطول 8 أمتار وعرض 6 أمتار تتقدمه قناطر كبيرة وأرضيته من الحجر الأزرق المعروف بصلابته وتجاور المقعد غرفة صغيرة ملاصقة له لتجهيز القهوة العربية الأصيلة على الحطب”.

ويضيف الجرمقاني “إن معركة خراب عرمان المشهورة التي وقعت سنة 1896 ضد الاحتلال العثماني انطلقت من مقعد العائلة وهو دليل واضح على مقاعد الجبل كان لها الدور الأكبر في صنع قرارات مصيرية”.

وتبقى البيوت الريفية القديمة ومقاعد ومضافات جبل العرب تتميز بطابعها التراثي والاجتماعي ما يكسبها أهمية تاريخية وجمالية.

مهران أبوفخر