الشاعر مرهج محمد.. تجربة أدبية تستلهم مفرداتها من تفاصيل الحياة وقراءة الآخر

اللاذقية-سانا

متأملاً في دقائق الحياة باحثا عن موطئ حرف لقصيدة لا تلبث أن تتسلق من شطر إلى آخر لتلامس عمق الأسئلة الكبرى ففي كتابات الشاعر مرهج محمد تقبع أكثر من فرضية للحياة والجمال والحب.

ويعتبر مرهج المولود عام 1965 صاحب تجربة واسعة في الأدب إذ بدأ كتابة الشعر وهو ابن الرابعة عشرة من العمر لتتوالى السنوات فيدرج اسمه في أول إصدارات معجم البابطين للشعراء العرب وتتعاقب معها سلسلة من القراءات النقدية لمؤلفاته في عدد من الدوريات و في بعض البرامج الإذاعية في دمشق.

وأوضح في إطار حديث لسانا الثقافية أن الشعر هو بحث متجدد عن الجمال فهو حالة تشبة التأمل فكلما كان لدى الإنسان وقت للتأمل كان لديه متسع للشعر أما ثقافة الشاعر ومعارفه فيضعها جانبا تماشيا مع الرأي الفلسفي الذي يقول أن المعرفة هي جهل حقيقي.

ويرى مرهج أن الإلهام الشعري يتجلى في شتى تفاصيل الحياة أما  أكثرها إيحاء فهو مشاركة الناس آلامهم و أفراحهم وهو شعور عال جداً ولكي يكون بعيدا عن الزيف لا بد من قراءة الآخر من القلب وخاصة أنه في كل لحظة تأتي الحياة بفرح أو مفاجأة ما وهذا ما يجعل الروح شابة على الدوام.

ولا يسجل عادة تقييمات للحالة التي يمر بها خلال ولادة القصيدة وخلال حياته اليومية بشكل عام ربما لأنه يعيش كل لحظة بطريقة مختلفة لاتسمح بتسجيل القراءات الحسابية.

ويتأثر مرهج بالطبيعة من حوله وخصوصا أنه مولود في قرية عين السبع بريف اللاذقية فيروي أن بداياته انطوت على مفردات من أقاصي الريف تخص البيئة الجبلية وناسها وتفاصيلها وقيمها التي ظلت عصية على الغربة والاغتراب كما أن هناك مفردات خليطة بين نسائم الجبل والبحر وبقيت جميعها متأصلة ومتجذرة في الوجدان والفكر والكتابة إلى درجة لم يكن فيها للتوجه نحو العاصمة في سنوات الشباب المبكرة تأثير سلبي على ذاكرة الشاعر ومفرداته.

وتابع صاحب ديوان عبير المطر أحيانا كنت أشعر أن دمشق موجودة في كل مفردات القرية التي بدورها موجودة في دمشق بشكل من الأشكال وهذه حالة ترتبط بالسوريين تحديدا فنحن لا ننفصل عن بعضنا البعض إنما يكمل كل منا الآخر كما هو الحال بين تفاح جبل العرب وبرتقال الساحل و كثيراً ماكتبت عن هذه الحالة التكاملية التي تجسدها سورية كأجمل القصائد.

أما المرأة فلا يعتقد مرهج أن قصيدة ما لأي من الشعراء قد تخلو من تأثير الأنوثة بأي من ألوانها و مفرداتها فلكل شاعر وكاتب أنثاه المحفزة ليتابع موضحا بقوله كلما كتبنا عن دور المرأة وحاولنا تكبير هذا الدور أو تصغيره تبقى المرأة هي المرأة والرجل هو الرجل وهذا لاينقص ولايزيد من شأنها.

ومن الناحية التقنية يبين أن الشاعر عندما يريد كتابة الشعر المنثور فعليه أن يمتلك أصلا أدوات الشعر الأصيل وأن يتمكن من الكتابة في شتى الأشكال الشعرية فلا تكون كتابته لقصيدة النثر مجرد نوع من الاستسهال إذ إن عليه أن يمتلك كل أدوات الشعر وبالتالي كتابة الشعر القديم والحديث الموزون منه وغير الموزون حيث يحق له أن يكتب بالشكل الذي يريده أما تقديم شكل واحد من أشكال الشعر لعدم قدرته على صوغ غيرها أمر لا يمت إلى الإبداع بصلة.

ونوه إلى أن أول إصداراته الشعرية كانت في العام 1992 عبر ديوان عبير المطر ويحوي بواكير أعماله و التي تتنوع بين شتى أشكال الشعر الحديث والموزون وقصيدة النثر والتفعيلة والمقفاة.

وقال هذه القصائد هي غربلة لمجموعة حالات كتبتها في مراحل متعددة من حياتي من عمر 14 سنة حتى 20 عاما وكل قصيدة لها حالة معينة وهي عبارة عن مرايا وانعكاسات للناس الطيبين الذين يعيشون في الريف وأهديتها لملكة الفن العربي السيدة فيروز كاتبا لها “إلى بريد الصباح الأخضر .. إلى مليكة الفن العربي
فيروز.. عفوا ما الفرق بين صوتك والوطن”.

أما الإصدار الثاني فكان عام 1995 بعنوان دلوار الشوق و هو عبارة عن مجموعة شعرية تضم مجموعة قصائد وجدانية وطنية تجسد حالات و إرهاصات المرحلة الزمنية التي كتبها فيها أما كتابه الثالث فقد صدر عن دار البعث عام 2002 تحت عنوان في رحاب القيم  وهو عبارة عن قراءة متأنية وانتقائية في موضوعات الشعر العربي من خلال مجموعة مقالات نشرت في زوايا ثقافية في بعض الدوريات والمجلات تم فيها تسليط الضوء على جوانب مما كتبه شعراء العربية في موضوعات الحب والحياة.

يذكر أن الشاعر عضو في اتحاد الصحفيين واتحاد الكتاب العرب بدأ عمله مدرسا أواسط الثمانينيات ثم عمل محررا ثقافيا في صحيفة تشرين وهو كاتب زاوية أسبوعية في الصفحة الأخيرة فيها وله ماينوف على ألفي زاوية ثقافية وخدمية إضافة إلى المقالات والموضوعات والحوارات والتغطيات الصحفية المختلفة كما عمل لسنوات في الإعداد والإشراف على صفحات ثقافية نوعية دورية متخصصة مثل أوراق فنية ورؤى ودروب الإبداع ويعمل حالياً في مكتب تشرين باللاذقية.

رنا رفعت

انظر ايضاً

عندما يكون الشاعر معلما.. إغناء للعملية التدريسية أم استنزاف لقدرات الشاعر

دمشق-سانا المعلم هو أحد أكثر أصحاب المهن العلمية ارتباطا بالشعر والأدب فهي زاده اليومي وأحد …