عندما يكون الشاعر معلما.. إغناء للعملية التدريسية أم استنزاف لقدرات الشاعر

دمشق-سانا

المعلم هو أحد أكثر أصحاب المهن العلمية ارتباطا بالشعر والأدب فهي زاده اليومي وأحد أشكال تواصله مع طلابه لذلك كثر عدد من نظم الشعر في صفوف المعلمين رغم أن العملية التدريسية تستنزف الوقت والجهد الفكري.

الشاعرة مدرسة العلوم سمر تغلبي بينت أن تدريسها لهذه المادة وتخصصها العلمي إلى جانب نظمها الشعر ساهم في ترسيخ التوازن لديها بين الروح وبين العقل الذي يقف حائلا دون الشطط في الركن الروحي بالكتابة الإبداعية.

وترى أن الشاعر حين يكون مدرسا يشتغل غالبا على الإبداع في عملية التدريس وإيصال المعلومة بطريقة جديدة كونه يكره الروتين والخطوط المرسومة مسبقا ويؤمن بقدرته على إبداع طريقة جديدة في التدريس كل مرة.

وتجد تغلبي أن معاناة المدرس الشاعر تتلخص في كون العملية التدريسية تأخذ حياته كلها والهم التدريسي والتربوي هو المحور الذي يرسم دائرة يومه ويشغل عنده عبء بناء الجيل المرتبة الأولى في سلم أولوياته لكنها تؤكد أن الشاعر برهافة حسه يلتقط احتياجات هذا الجيل أكثر من سواه ليعمل على ملئها بما أوتي من حب وبما تيسر له من وقت.

الشاعرة مدرسة اللغة العربية لينا المفلح توضح أن عملها كمدرسة وعلى وجه الخصوص للعربية أضاف لها الكثير فجعلت طلابها جمهورها الأول الذي كانت تتلو أمامه قصائدها وتتلقى انطباعاته معتبرة أن التواصل المستمر مع التلاميذ خلق لديها روح فياضة محبة للعطاء تسعى إلى التميز سواء كان في التعليم أم الشعر.

وما يتميز به الشاعر وفق المفلح من صفات إنسانية خلاقة وقدرته الكبيرة على التواصل وشد انتباه المتلقي تجعله الأقدر على إنجاح العملية التعليمية إذ إنه يتميز برأيها بالانعتاق والتحرر من جميع الأشكال التقليدية والأنماط التدريسية فيلجأ إلى إيجاد طريقة تجنبه النمطية وبذلك يخلق عند الطالب نوعا من التحدي ويجعله يتمثله فكرا وسلوكا.

أما عن العلاقة بين الشاعر المدرس والتلاميذ المبدعين فتصفها المفلح بالمتميزة والمثمرة فالشاعر المدرس هو الأقدر على اكتشاف مواهبهم وتنميتها وتشجيعهم وشحذ هممهم وتقديمهم للمنابر أحيانا بعمر مبكر ورعايتهم مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الشاعر المدرس يعاني في التوفيق بين شغفه الإبداعي وبين ما يتحمله من أعباء تربوية لكنها معاناة محببة فالرسالة الإنسانية هي جوهر عمل المدرس والشاعر.

الشاعر مدرس العربية حسن محرز يتحدث عن الإيجابيات التي تنعكس على العملية التربوية عندما يكون الشاعر مدرسا منها ما يتعلق بالأمور الإبداعية والتذوقية فمادة التعبير مثلا مجال خصب للإبداع والابتكار ومن خلالها يستطيع المدرس الشاعر اكتشاف الموهبة الشعرية لدى الطالب وتعزيزها وتنميتها ومن ثم الانتقال إلى مجال الشعر في وقت لاحق.

وبرأي محرز فإن المدرس الذي يمتلك ناصية الشعر يعرف بالتأكيد كيف يدخل إلى عقول وقلوب طلابه وكيف يقيم علاقة روحية معهم وهو بالتالي يستطيع اكتشاف نفوسهم وميولهم وإثارة الومضات لديهم وتنميتها ومن ثم تشجيعهم وتحفيزهم للكتابة الأدبية وتطويرها لتصبح أدبا وشعرا في المستقبل.

ويجد محرز أن الشاعر يعطي العملية التربوية أكثر مما يأخذ منها فهو كونه خازنا للجمال قد يعطي ويرفد طلابه ويتميز بذلك عن بقية المعلمين وبذلك فإن التعليم ينال حيزا من نصيب الشعر ولكن في النهاية هي علاقة إيجابية تغني وتثري العلم والأدب على حد سواء.

بلال أحمد

انظر ايضاً

الشاعر ميشيل العيد… تجربة تنهل من الشعر الكلاسيكي وتجد التميز في دمجه بالحداثة

دمشق-سانا من حضور الجولان الراسخ في وجدان السوريين وارتباط أهله به ظهرت موهبة الشاعر الشاب …