الشريط الإخباري

مؤسسة الملتقى الثقافي الخيري… نموذج عمل المجتمع المحلي التطوعي الغني بالعناصر الثقافية في مشتى الحلو

طرطوس- سانا

منذ 11 عاماً انطلقت اللبنة الأولى لإنشاء مؤسسة الملتقى الثقافي الخيري في منطقة مشتى الحلو بريف طرطوس، فمن روح ملتقى الدلبة الأول عام 2013 خرج الملتقى “الثقافي العائلي” ليأخذ على عاتقه تكريس رسالة سورية الحضارية والفكرية بين الأجيال الشابة داخل سورية وخارجها.

واستلهم الملتقى في جميع أعماله من شجرة الدلبة مشاريع الملتقى وأفكاره وتصوراته المستقبلية، وليكون نواةً مجتمعيةً شبابيةً تطوعيةً تساهم في تفعيل العمل الأهلي بالمنطقة، حيث عمل الملتقى جاهداً لإحياء كل شيء جميل في مشتى الحلو من الشعر والنحت والرسم والمسرح والموسيقا والسينما، وصولاً للمشاريع البيئية والإنشائية وحملات التشجير، وكان للجانب الإنساني من تكريم كبار السن والشهداء حيز مهم في أعماله.

وطوال السنوات الماضية ضم الملتقى جميع شرائح المجتمع المحلي بمشاركة مجموعات شبابية في المنطقة، كأصدقاء دلبة مشتى الحلو والفرقة المسرحية والموسيقية والنادي السينمائي ولجنة حماية الطبيعة، ليوصلوا جميعاً رسالة الأمل والحياة مؤمنين بأن الفن والثقافة والجمال هو خلاص العالم.

الملتقى الذي تطور عمله ليصبح مؤسسةً حملت اسم “مؤسسة الملتقى الثقافي الخيري في مشتى الحلو” والمرخصة أصولاً من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، يعتمد على الطاقات الشبابية، حيث يعمل الشباب فيه على رفد أعمال الملتقى بورشات العمل المختلفة، كل حسب اختصاصه واهتمامه.

وعن فكرة الملتقى وأعماله قال المحامي وائل صباغ مؤسس الملتقى: “انطلقت فكرته في حزيران عام 2013 عندما تحولت شجرة الدلبة روح المشتى ورمز الحب والجمال فيه إلى رمز لانتصار فكر الحياة على الموت، ففي هذا التاريخ سقط جزء كبير من إحدى شجرات الدلبة في القرية، فاستلهم أبناء القرية منها قيامة الجسد إلى فضاءات الروح، وهكذا تحول جسد الجذع اليابس إلى عرس للحياة والبقاء والأمل ليكون انطلاقة ملتقى الدلبة الأول في تموز 2013.

وعن نشاطات الملتقى عبر السنوات الماضية قالت رانيا عنتر المنسقة الإعلامية بالمؤسسة: “إن العمل بدأ بأمسيات فنية موسيقية وقصصية، ثم توسعت النشاطات لتشمل كورال مشتى الحلو والنادي السينمائي الضوئي للأطفال والكبار ونادي التصوير الضوئي، إضافةً إلى نشاطات رياضية منها كرة قدم والجمباز، والاهتمام بكل ما يخص البيئة من حملات نظافة وتشجير وحملات توعية بهذا المجال، ناهيك عن إقامة بازار سنوي يتضمن المنتجات اليدوية والأكلات التراثية المعروفة في مشتى الحلو”.

الملتقى الذي يعتمد على طاقات الشباب المتطوعين من جميع أنحاء سورية هو ثمرة دعم الأهالي والمغتربين والمجتمع المحلي في مشتى الحلو، شاركهم نخبة من الفنانين السوريين في جميع صنوف الثقافة، وتحديداً في مجالي الفن التشكيلي والموسيقا ليخرج كل عام بمهرجان يحمل عنوان “مهرجان الدلبة للثقافة والفنون”.

ومع تطور العمل أخذ هذا العام شكلاً جديداً ومضموناً عميقاً، فاختار القائمون على مؤسسة الملتقى الثقافي الخيري أن يحمل مهرجانهم السنوي عنوان “صدى التوت والحرير”، بهدف إعادة إحياء عنصر ثقافي نفيس يمثل الذاكرة الحية لأبناء منطقة مشتى الحلو، وهو “إنتاج الحرير الطبيعي وتريبة دودة القز” والتذكير بأهمية معمل الحرير الذي بني في منطقتهم عام 1855، حيث قامت العائلات العاملة فيه على تكريس قيمة العمل المتقن والدقة والحرفية العالية في إنتاج خيوط الحرير الطبيعي، هذه المعايير كانت القيمة المضافة التي ساهمت في تصدير خيط الحرير خارج سورية، بالإضافة إلى التذكير بالمهرجانات الثقافية التي حملت عنوان مهرجان الحرير الأول عام 1960 والثاني عام 1961، والتي كانت تقام على هامشها مسابقات ملكات جمال الحرير السوري.

وتضمن المهرجان للعام الحالي أمسيات موسيقية حملت عنوان ” طريق الحرير ووصايا الحرير وخيط حرير”، ومعارض فن تشكيلي وعرض منتجات للحرير الطبيعي، بالإضافة إلى عروض سينمائية ورياضية.

نواة أعمال المؤسسة الفعالة هم المتطوعون، حيث تحدثت ناديا طهماز 30 عاماً إحدى المتطوعات عن تجربتها في العمل وقالت: ” إن كارثة الزلزال التي تعرضت لها سورية في شباط الماضي كانت سبباً أساسياً لتطوعها في المؤسسة التي عملت على مساعدة الناس المتضررة من الزلزال”، مبينةً أن المؤسسة أتاحت لها الفرصة للتأكيد على أن العمل التطوعي ليس عملاً خيرياً فقط بل تجارب ومشاركات ثقافية وفنية وإنسانية وتبادل خبرات.

وأشار المتطوع يزن رزوق 27 عاما إلى أن العمل ضمن الفريق يأتي في إطار التعاون والألفة، ومن خلال العمل الاجتماعي والتطوعي يسهم كل شخص من موقعه في حماية الوطن وتكريس قيم الجمال والفن وإرادة الحياة وتكريس القيم الإنسانية النبيلة.

 راما ضو

انظر ايضاً

مشتى الحلو وحكاية 170 عاماً من ذكريات معمل حريرها

طرطوس-سانا على الطريق الطويل إلى معمل الحرير في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين …