عروض فنية بمهرجان عين البيضا للتراث

اللاذقية-سانا

يهتم مهرجان عين البيضا التراثي الثالث في دروته لهذا العام بتشغيل عدد من الحرف التقليدية القديمة لإتاحة المجال للجمهور لمتابعة خطوات صناعة بعض الأدوات والقطع والمأكولات الشعبية بشكل حي.

2

ويؤكد برهان حيدر مؤسس متحف التراث الشعبي في عين البيضا أن أجدادنا ابتكروا هذه الأدوات واستخدموها في حياتهم اليومية وأنه حاول الحفاظ عليها وتوثيق أكبر عدد ممكن منها في متحفه الذي تأسس مع انطلاق المركز الثقافي في عين البيضا وبجهود شخصية ساعده فيها بعض المهتمين والمخلصين مؤكدا أن المتحف هو ركيزة لتوثيق تراث الريف الساحلي ويتم إغناؤه بشكل دوري لتحقيق أهداف متعددة أهمها دعم الحرفيين للاستمرار بالعمل وتشجعيهم قدر الإمكان حتى أن بعضا منهم أصبح يمتلك مشروعا خاصا به يشغل فيه عددا من الأيدي العاملة مشيرا إلى أن أبواب المتحف مفتوحة لاستقبال المهتمين طوال أيام الأسبوع.

صناعة زيت الغار وأساليب استخراجه تعتبر اضافة جديدة على الحرف التي يعرضها المهرجان كل عام كقشر البرغل وصناعة الأدوات الخشبية وأطباق القش والألعاب الشعبية كلعبة المنقلة حيث أشار حيدر إلى أن شجرة الغار تحتاج اهتماما أوسع وأعمق من قبل الجهات المعنية نظرا لقيمتها السياحية والبيئية والمادية فالمعروف عن الغار أنه كان رمز الانتصارات فمنه تصنع أكاليل القادة المنتصرين إضافة إلى أن عبقه مرتبط بمعاني الشهادة وهنا تكمن معانيه العميقة المرتبطة بواقعنا الحالي فاستخراج زيت الغار كما قال ليس بالأمر الصعب فهو يعتمد على الحرارة وغلي البذور والأوراق لفترة طويلة حتى يخرج الزيت الذي يعتبر أخف وزنا من الماء وبعد قطافه أي فصله يتم تبريده واستخدامه لغايات تجميلية وعلاجية مختلفة.

3

وتفردت السيدة سلوى زيدان في ركنها بعرض طريقة دق الحنطة التقليدية باستخدام الجرن والمدق الخشبي وذلك لإخراج القشور والحصول على الحنطة وتصويلها حتى تنظف لتصبح فيما بعد صالحة للأكل حيث تؤكد أن الجرن الخشبي يمكن التحكم بقياسه وحجمه بحيث يتسع لكمية الحنطة التي ترغب بها السيدة معتبرة أن هذه الطريقة لدق وقشر الحنطة ما زالت متبعة حتى الآن في عدد من البيوت الريفية رغم دخول التقنيات الحديثة على خط الإنتاج.

من جهتها أشارت فريا ل حسن إلى أن طريقتها في طحن البرغل بواسطة الرحى تعتبر أيضا مرغوبة من قبل بعض السيدات الريفيات فعلى الرغم من تعدد خطوات الطحن وما يلزمه من سلق وتجفيف وقشر دون نسيان المجهود العضلي إلا ان طعم البرغل الناتج عنها له نكهة مميزة تظهر بشكل جلي أثناء وبعد الطهي.

4

الحرف اليدوية الخاصة بأثاث ولوازم المنزل احتلت ايضا اهتماما واضحا من إدارة المهرجان ولا سيما استثمار القش والنباتات البرية الأخرى في صناعة الأطباق إضافة إلى الكراسي الخشبية المقششة وتقول سلمى ابراهيم إن انتهاء موسم حصاد الحنطة يعتبر بداية موسم عملها على اعتبار أنها تعتمد على القش الناعم المنقوع بالماء كمادة أولية لصناعة اطباقها التي تنتجها بأحجام وقياسات مختلفة وتعتبر الافضل لحمل المخبوزات الساخنة وتبريد المعجنات وخاصة الكعك لكونها لا تتسبب بالتصاقه.

أما يوسف الأطرش المتخصص بصناعة الكراسي والأدوات الخشبية فيقول لا يمكن ان ننكر حاجة هذه الصناعات للدعم ما يزيد الطلب عليها ويخفف قليلا من سعرها فهي تتميز بتفاصيلها يدوية الصنع إضافة إلى قدرتها على الصمود حتى خمسين عاما على أقل تقدير.

تجسيد التراث الساحلي تم أيضا عبر الكلمة واللحن من خلال عرض المسرحية الغنائية الوطنية بيادر التراث التي أخرجها مدين مقصود وضمت العديد من الممثلين ومغنيي الكورال إضافة إلى وجود آلات متنوعة رافقت الفرقة ولا سيما الطبل والناي وتدور أحداث المسرحية في قرية معاصرة يزورها التراث مجسدا بشخصية ضيف غريب فيهلل أهل القرية له ويسألونه عن الأخبار والحكايا والأعراس التراثية إضافة إلى الأغاني والأهازيج الشعبية فيرويها لهم بأسلوب شعري وغنائي في جو مفعم بالرقص والحركة على مدى ساعة من الزمن ليترك بعدها القرية متوجها إلى دمشق ليحتفل بالنصر القريب حيث تختتم المسرحية بأغنية وطنية تتحدث عن سورية والشهيد والمقاومة.

ويوضح مؤلف وملحن العمل غياث محمود أن المسرحية كتبت خصيصا لهذا المهرجان وتركز على الأغاني والقصص والعادات والأهازيج الشعبية القديمة فهي “ليست محمية تراثية بقدر ما هي عمل يحاكي التراث بعمق ولمسة احترافية”.

ويضيف يتضمن العمل أغاني غير موجودة في التراث الشعبي لكن الحكايا التي ترويها الأغنية حقيقية ومؤكدة لذلك اعتمدنا على خيالنا لخلق جو غنائي ملائم لهذه القصص الشعبية وكتبنا أشعارا ملائمة للظهور على خشبة المسرح ودمجناها مع روح اللحن التراثي والإيقاع الدارج في ذلك العصر.

يشار إلى أن مهرجان عين البيضا انطلق في السابع عشر من الشهر الجاري ويستمر حتى يوم غد الأحد.