الاستحقاق الدستوري لانتخابات رئاسة الجمهورية خطوة تؤسس لثقافة ورؤية نحو بناء سورية التعددية القوية

دمشق-سانا

ينظر كثير من السوريين الى الانتخابات على أنها خطوة جديدة في الاتجاه الصحيح تؤسس لثقافة ورؤية واضحتين نحو بناء سورية التعددية والقوية وتصب كغيرها من الخطوات التي اتخذتها الدولة في تعزيز مكانتها وصمودها ضد اعتى هجمة ارهابية وتشويه للحقائق تعرضت لهما امة عبر التاريخ.

ويمضي السوريون باتجاه انجاز هذا الاستحقاق الدستوري بخطوات متفائلة تعكس حسهم الحضاري وثقافتهم النابعة من عمق التاريخ مدركين أن ممارسة الديمقراطية تتطلب توفر تجارب سابقة وتراكمها وهو أمر ليس غريبا عنهم في دولة تعطي لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية دورها في إدارة قضاياها.

غير أن الظروف التي تمر بها سورية وحجم المؤامرة والإرهاب الدولي الوافد إليها يضع السوريين أمام استحقاقات كبيرة ولا سيما بانتخابات رئاسة الجمهورية حيث انتقلت المشاركة في هذا الاستحقاق من مرحلة “الحق للمواطن إلى الواجب تخليدا لدماء الشهداء التي روت أرض الوطن وصونا لكرامة سورية وتضحياتها وهو أمر لا يغفلونه” وفق الدكتورة علا عمار عضو الهيئة التدريسية في كلية الصيدلة بجامعة تشرين التي تؤكد أيضا أن “كل مانحتاجه هو أن نتشارك في بناء الوطن ولا بد أن يعي الجميع بأن الوطن لنا نحن السوريين دون غيرنا”.

وتطالب عمار بتعزيز ثقافة المشاركة في الانتخابات “لأنه في الوقت الذي يشعر المواطن بأن صوته مهم وقادر على التأثير ستصبح ثقافة المشاركة والاقتراع مطلبا للجميع” وترى أن ذلك مرتبط بوعي المواطن وثقافة المواطنة.

وبحسب الأمين العام للحزب الديمقراطي السوري أحمد كوسا فإن الشعب السوري يحتاج إلى رئيس للجمهورية قادر على حفظ أمنه واستقلاله ويلبي حاجاته وتطلعاته معتبرا ان “لكل مجتمع طبيعته الخاصة في الانتخابات وأن سورية تتجه إلى تجربة ديمقراطية حديثة وعصرية” مؤكدا مشاركة حزبه في الاستحقاق الرئاسي لاختيار من يمثل سورية في المستقبل داعيا هيئات المجتمع المدني وجميع المواطنين للتطلع الى انجاح هذا الاستحقاق الدستوري.

بدورها اعتبرت الامين العام لحزب سورية الوطن مجد نيازي “أن المشاركة في الانتخابات واجب وطني ومن يقاطع الانتخابات في هذا الوقت يقف في صف أعداء الشعب السوري وينفذ أجندة خارجية بقصد أو بغير قصد” مشيرة إلى أن الانتخابات رسالة إلى العالم بأن سورية تسير نحو دستورها ولا تأخذ إملاءات من أحد.

ولفتت إلى أنه من واجب كل مرشح لمنصب رئيس الجمهورية أن “يكون لديه وعي وأرضية تمثيل في الشارع ومن واجب الإعلام السوري الوقوف على مسافة واحدة من جميع المرشحين”.

ويعتبر الصحفي في جريدة السفير اللبنانية عبد الله علي أن سورية تملك “قانونا انتخابيا يتماثل من حيث قواعده وأسسه مع أغلب القوانين الاوروبية” ورغم أن ظروف الحرب التي تشن عليها برعاية اقليمية ودولية حرمت الشعب السوري من تجربة هذا القانون كما كان يأمل الا انه من الممكن القول انه “شكل قفزة نوعية كبيرة في الحياة السياسية السورية”.

ويجزم نقيب المحامين السوريين نزار السكيف “أن الاستحقاق الرئاسي من اهم الاستحقاقات السيادية السورية بالمعنى الدستوري والقانوني طالما ان هذا الموقع والمنصب يشكل رمزا سياديا للدولة السورية وطالما ان شخص الرئيس يمثل رمزا للوطن كما علم الوطن وهي رموز استقلالية وسيادية بالمعنى القانوني والمعنى السياسي” ويوضح أن المشاركة في التصويت بهذا الاستحقاق هي معيار انتماء بالمطلق وحق وواجب في آن معا.

ويشير إلى أن القانون الانتخابي الذي اقر دستوريا وقانونيا قادر على تمثيل جميع الشرائح والطبقات والاتجاهات طالما ان الدستور يقوم على مبدأ التعددية السياسية ويعطي للاحزاب المرخصة دورا إسهاميا في الحياة السياسية ضمن مفهوم السيادة الوطنية التي تعتبر اساسا في هذا الاسهام.

ويبقى الأهم أن يستطيع الشعب بوعيه مراكمة تجربة انتخابية مع كل انتخابات برلمانية او رئاسية ليتشكل وعي ثقافة ويترسخ تقليد انتخابي يعطي التجربة السورية فرادتها لتكون متوائمة مع طبيعة المجتمع وتركيبته والمبادئ الحاكمة أخلاقيا وسياسيا.

طلال ماضي