الفرن وبيت المونة من مكونات المنزل التراثي الحوراني

درعا-سانا

يعتبر الفرن أحد مكونات المسكن الحوراني التراثي الذي لايخلو منه بيت في حوران خلال الخمسين سنة الأخيرة من القرن الماضي.

وقال الحاج احمد الحسن البالغ من العمر 80 عاما إن الفرن عبارة عن بناء صغير من الحجر البازلتي والطين المخلوط مع بقايا سوق القمح سقفه من حجر الربذ أو الأخشاب أو الحديد ويقسم إلى قسمين قسم داخلي يوضع فيه الحطب اليابس الذي يتم جمعه من بقايا الأخشاب أو سوق القمح القاسية التي تسمى القصل أو مخلفات الحيوانات المجففة ويطلق عليها اسم القطع وقسم خارجي يتوضع في وسطه التنور أو بيت النار والتنور مصنوع من مسحوق الحجر الأزرق البازلتي شديد الصلابة والحجر الجيري ومادة الكتيت خيوط القنب التي يستعاض بها في تصنيع التنور بدل الحديد حيث تمزج المواد السابقة ويصنع منها التنور الذي يأخذ شكله المخروطي قطره متر واحد و ارتفاعه ما بين 60 إلى 75سم له فتحة أمامية مقنطرة قطرها ما بين 30و 40 سم يقال لها السنور لوضع الوقود و للفرن فتحة دائرية علوية قطرها ما بين 50و 60سم تغطى بقطعة حديد لها مقبض في الوسط تسمى السمامة.

وأضاف أنه من خلال الفتحة العلوية للفرن يتم إدخال أقراص العجين بعد أن يتم إعدادها حيث توضع في أرضية التنور لتتعرض لنار هادئة ومستمرة عن طريق الفتحة الأمامية التي يوضع فيها الوقود المشتعل حتى ينضج الخبز ويخرج الرغيف مقمرا لافتا إلى أن إخراج الرغيف من أرض التنور يتم بمساعدة قضيب معدني صغير منحني الرأس طوله نحو 70 سم يسمى المقلاع والذي يستخدم أيضا لإخراج كل ما يوضع في الفرن أو التنور من خبز أو بقية المأكولات.

وتابع يتوضع عند أحد جانبي التنور حجر مشذب تجلس عليه المرأة أو الفتاة المكلفة بصنع الرغيف و يتوضع إلى جانبها قطعة خشبية مستطيلة الشكل طولها نحو 5سم تسمى المقحار إضافة إلى مكنسة مصنعة من نبات جاف وناعم يستخدمان في عملية تنظيف الفرن أو التنور من بقايا الخبز المحروق .

وتقول الحاجة فاطمة السليمان إن المرأة الحورانية كانت تستخدم الفرن لإنجاز عدة أعمال منزلية فإضافة إلى صناعة الرغيف كانت تستخدم الفرن لتسخين المياه والغسيل وكذلك لطهي الطعام كالبطاطا والدجاج وشي الخضار واللحوم ولكل أنواع الطهي.

وتضيف السليمان إن الفرن كان المكان الذي تلتقي فيه الجارات فحول الفرن كانت تناقش كل الأمور الحياتية والهموم المشتركة التي تهم النساء وأمور العمل الزراعي والزواج وغيرها لافتة إلى أن الحياة بالرغم من صعوبتها كانت غنية بالقيم الأخلاقية الجميلة يحافظ الناس عليها ويتم تناقلها من جيل إلى جيل من أهمها التكافل الاجتماعي والشعور بوحدة الحال ومد يد العون والتعاون على المصاعب.

ولفتت السليمان إلى أبسط أمور التكافل الاجتماعي حيث تتبرع جارة للقيام بالأعمال المنزلية بدل جارتها التي انشغلت بأمور أخرى كالعمل الزراعي مبينة أن هذه الجارة كانت تخبز و تطهو لجارتها و أفراد عائلتها إضافة إلى عملها المعتاد في منزلها.

وتبين الحاجة فاطمة أن بيت المونة بناء واسع واحد مكونات المنزل الحوراني الكبير فقد كان يبنى من الحجر البازلتي سقفه من حجر الربذ أو الحديد أو القصب تحمله في العادة قنطرتان من الحجارة.

وأشارت فاطمة إلى أن بيت المونة يقسم إلى عدة أقسام القسم الأول يضم صفا من الصوامع المصنوعة من الطين والقش تسمى كواير ومفردها كوارة بمقاسات وأحجام مختلفة تتراوح ارتفاعاتها ما بين المتر ونصف المتر ومترين تخصص كل واحدة منها لتخزين نوع من المحصول فمنها ما يخصص للقمح و منها ما يخصص للدقيق والعدس والبرغل فيما يسمى القسم الثاني الحاصل و تخزن فيه مختلف أنواع الحبوب وتجد في أحد أركان بيت المونة صندوقا خشبيا أسود مرصعا في واجهته الأمامية بالصدف الأبيض وتزينه نقوش محفورة نافرة مستطيل الشكل طوله ما بين متر ومتر ونصف وعرضه نحو ثمانين سنتيمترا و ارتفاعه نحو متر واحد له قفل حديدي يستخدم لوضع الزيت والزبدة والسمن والسكر و اللبنة و الكشك و الزيتون.

وتبين أن قسما ثالثا من بيت المونة يخصص لوضع الطناجر والقدور والمناسف وأواني الطبخ مختلفة الأاحجام والمقاسات إضافة إلى البراميل الخشبية والجرار الفخارية التي تستخدم لوضع اللبن الرائب والعيران والسمن والماء فيما خصص ركن آخر لوضع القربة والشكوة والجود وهي أوعية مصنوعة من جلود الحيوانات كانت تستخدم في عمليات الخضيض والحصول على مادة الزبدة من اللبن الرائب.

وأطلقت وزارة الثقافة منذ سنوات مضت برنامج الحفاظ على التراث المادي واللامادي وسعت مديريات الثقافة في المحافظات إلى جمع كل مكونات التراث وشكلت لجانا مختلفة أسندت إليها مهام جمع التراث الشعبي وحققت هذه اللجان خطوات مهمة في هذا المشروع حيث قامت بجمع وتوثيق مئات الأغاني والعديد من المكونات التراثية المادية واللامادية.