مشروعات أحلامٍ فرملها الصمود السوري

كيف ستمنع أمريكا الانفجار؟ أما عن أيّ انفجار نتحدث؟؟ فليس بالضرورة أن يكون هو ذاك الانفجار الذي سيولّده تخطيط أمريكا مع دول التحالف المزعوم بذريعة القضاء على ما يسمى داعش, وليس ذاك الذي ولّدته هي نفسها بما قامت به, وخطّطت له مع أدواتها في المنطقة تحت ستار ما يسمى الربيع العربي، وإنما هو ذاك الانفجار الذي ينطلق اليوم من داخل مملكة آل سعود التي مولّت الإرهاب بمختلف تسمياته مثل إرهاب داعش وأخواتها, وأرسلت الإرهابيين إلى مختلف أنحاء الوطن العربي، مع الدعم الفكري الوهابي والسلاح اللازم، مساهمةً منها في تنفيذ أجندة التقسيم، والتخلص من أنظمة حكم لمصلحة أمن اسرائيل و تحقيق مصالح الغرب في المنطقة، لكنها لم تدرِ أنها هي نفسها لن تكون في مأمن منه، وأن كل ماسعت إليه أياديها السوداء من سفك للدماء ودعم للإرهاب المنظم من سيلان نفطها لن يشفع لها, وسيجعلها في ميزان التقديرات الغربية داخل الأحلام الاستعمارية ذاتها.

إذاً هو انفجار الداخل السعودي الذي تتوقعه أمريكا، التي سارعت هي نفسها إلى احتوائه خشية حدوث تطورات استثنائية تهدّد الحكم فيها في حال وفاة الملك، وهذا ما كشفته مصادر مطلعة من أن هناك تحرّكات نشطة غير معتادة للسفارة الأمريكية في الرياض، إذ إن ثمة أفراد طاقم أمني خاص موجود حالياً هناك منذ أكثر من شهرين, يتنقل أعضاؤه بين قصور الأمراء لمنع انفجار الصراع الداخلي على وراثة الرجل المريض وعبارة الرجل المريض هذه أطلقت منذ عشرات الأعوام على الدولة العثمانية التركية بعد استعمارها الوطن العربي أربعمئة عام.

والخوف من الانفجار جعل امرأة سعودية تتجرأ, لأول مرة, على تهديد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف المطاوعة باللجوء إلى السفارة الأمريكية إن لم تقم بإطلاق سراحها بعد ضبطها مع شاب في جلسة مغلقة في أحد المولات في جدة، ولم تشر الصحيفة التي ذكرت ذلك إلى الأسباب، لكن هذه الأسباب، هي التي جعلت المرأة السعودية التي تحلم بقيادة السيارة، تهدّد بالسفارة الأمريكية، ما يشير إلى التخبط السعودي، ومايتربص بآل سعود من حراك داخلي نتيجة القمع وهدر مقدرات البلاد في قتل الأشقاء وسفك دمائهم، وشراء الأسلحة من مخازن ومعامل الغرب.. حراك تعوّل عليه أمريكا أيضاً لكن لاحقاً، وقد أكدت ذلك وثيقة مشروع التغيير الصادرة عن الخارجية الأمريكية وتحمل تاريخ 22 تشرين الأول 2010، وهي تؤكد بشكل كبير وواضح حملة الرئيس أوباما لإحداث تغييرات في بعض أنظمة الحكم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, بما في ذلك السعودية والبحرين, إضافة للدول التي مرّ فيها ما يسمى «الربيع العربي» الأسود.

والسؤال: كيف لهذا الانفجار أن يُكبح والدول التي أسست الإرهاب مازالت هي نفسها مَنْ يدعمه, ويقوم بتمويله وتسليحه وتدريبه رغم ادّعاء محاربته وذلك من خلال تدريب مَنْ يسمّون المعارضة السورية المعتدلة..!!؟!! عبر لعبة مكشوفة الأهداف والغايات.. لكن المستهدف في النهاية هو من رعى هذا الإرهاب, وجعله خنجراً في الصدر العربي في هذه المنطقة باعتراف أمير سعودي طالب بوقف التمويل السعودي عن داعش, وبالتأكيد لم يكن هو الوحيد الذي صرّح بذلك.

ولأن السعودية لن تكون في منأى عن ذلك الإعصار الإرهابي، فقد سارعت أمريكا اليوم لتحمي حليفتها مبدئياً من شرّ الوقوع في براثن الفوضى الخلاقة، مؤجلةً ذلك إلى مابعد تبيّن الخيط الأبيض من الأسود في المنطقة، لذلك تعمل الآن إلى احتواء انفجار الحكم في السعودية، لأنها تعلم علم اليقين أن الإرهاب الذي صنعته قد يفلت من يدها ويبدأ بتهديد مصالحها في المنطقة، وبالتأكيد سيأتي ذلك من منطلق سعي إرهاب داعش إلى بناء إمارة نفطية وليست إسلامية، ويبدو أن هذا التنظيم سيرتد ليغزو السعودية, وثمة مؤشرات على ذلك, منها ما أكدته مندوبة الاتحاد الأوروبي في العراق أول من أمس خلال مقابلة أجرتها مع صحيفة نوفني التشيكية اليومية من أن تنظيم داعش يسعى للسيطرة على آبار النفط في سورية وشمال العراق، وربما في السعودية أيضاً، حيث سيجد هذا التنظيم الكثير ممن سيتعاطفون مع أفكاره المتطرفة داخل المملكة.

وإذا كان هذا المنطق يحمل تحليلاً مقبولاً، فلأن هذا الإرهاب صنيعة يدي هذه المملكة لذلك سيرتدّ عليها، عندما يفلت من عقاله, وبعد أن لاقى الصدّ الكبير الذي أبدته, وتبديه سورية، كما أثبتت سنوات الحرب عليها.. فهل تكون جائزة هذا الإرهاب الكبرى هي نفط السعودية، أم إن أمريكا سترتّب سيناريوهات جديدة، بعدما باتت القديمة غير مجدية، بفضل بطولة الدولة السورية ونجاحها في كبح مشروع أمريكا وحلفائها التقسيمي في المنطقة، على الرغم من كلّ المحاولات اللاهثة وراء ذلك؟.
والتعويل على مَنْ سيخلف الرجل المريض، لما له من دور مرسوم في المنطقة في تجسيد السياسة الغربية ذات البعد الاستعماري الواحد.

بقلم د. رغداء مارديني