جهود مكثفة لإزالة آثار جرائم الإرهاب التي طالت مئات المواقع في الجزيرة السورية

الحسكة-سانا

أينما وطأت قدماك في الجزيرة السورية تجد لقية أو قطعة فخار أو حجراً صغيراً من لوحة فسيفسائية تدل جميعها على إرث حضاري وقوة فكرية واقتصادية.. هذا الإرث في محافظة الحسكة كان محط تركيز لاعتداءات ممنهجة ارتكبته التنظيمات الإرهابية من خلال أعمال الحفر العشوائي لتغيير معالم المواقع وتحطيم الأوابد واللقى الأثرية ونهب وسرقة السليم منها بالتعاون والتنسيق مع مشغليها عبر الشراء المباشر او تسهيل مرورها عبر أراضيها أو دفع المال مقابل تحطيم وتدمير بعضها لطمس حقيقة لن تخبو أبد الدهر.. حقيقة إرث حضاري وتاريخي وإنساني عريق عاش ونما واضاء الظلمات على امتداد عصور مضت.

ووفق إحصاءات دائرة الآثار في الحسكة فإن المواقع الأثرية المسجلة تبلغ نحو 800 وأكثر من 400 موقع قيد التسجيل وهي غيض من فيض حيث إن المحافظة تشتهر بالتلال الأثرية والمواقع المميزة التي كانت ولا تزال شاهدا على عراقة الحضارات القديمة التي عمت المنطقة.

دائرة الآثار في محافظة الحسكة وبعد دحر التنظيمات الارهابية من معظم مناطق المحافظة بدأت بالتعاون مع الجهات المعنية بأعمال المسح والاحصاء والتقييم لجميع المواقع الأثرية لوضع الخطط الناجعة والممكنة لإجراء تأهيل وترميم وتوصيف للأضرار التي تعرضت لها نتيجة الاعتداءات الإرهابية.

الأعمال أو الجهود التي تبذلها كوادر دائرة الآثار رصدت الكثير من المواقع والتلال الأثرية التي تعرضت للنهب والسرقة والتخريب وتم الاطلاع عليها وتوثيق الأضرار حيث يؤكد رئيس الدائرة خالد احمو في تصريح لمراسل سانا أن نسبة الاضرار الكبيرة تركزت في تلي عجاجه وطابان بريف الحسكة الجنوبي وفي تل مؤءزر وقلعة سكرة في منطقة جبل عبد العزيز من الجهة الجنوبية الغربية للمحافظة.

ويبين احمو أن نسبة الضرر في تل عجاجه تتجاوز 30 بالمئة نتيجة حفر إرهابيي تنظيم داعش التكفيري شبكة أنفاق في التل الاثري ما يشكل خطرا كبيرا على التل ومن الممكن أن ينهار نتيجة للفراغات والفجوات التي حصلت في بنية التل الجيولوجية لافتا إلى أن التقييم الأولي للأضرار يشير إلى أن الارهابيين سرقوا بعض القطع الأثرية منه وحفروا أنفاقا بطول يتراوح بين 6 و 7 أمتار في تل طابان من الجهة الجنوبية الغربية وهو يعود إلى الفترة الآشورية الوسطى الحديثة.

وحول التلال الأثرية الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية لمدينة الحسكة يشير رئيس دائرة الآثار إلى أن أعمال التخريب طالت تل مؤزر ويعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وتجاوزت نسب التخريب في الموقع 20 بالمئة وشملت حفرا وتحصينات بأعمال مختلفة تتراوح بين 5 و10 أمتار مبينا أن الموقع محصن وله أبواب ضخمة وشهد فترات استيطان لاحقة حول التل في الفترة الرومانية.

ويضيف احمو.. إن قلعة سكرة الأثرية التي تعود إلى الفترة الأيوبية المملوكية والتي تقع في منطقة جبل عبد العزيز لم تشهد عمليات تخريب مباشر ولكن تعرضت لسرقة التجهيزات الخاصة بالموقع وتخريب السور الخارجي لها وسرقة الأعمدة الحديدية التي تم تزويد الموقع بها.

والجدير بالذكر أن الإرهابيين لم يعتدوا بشكل عشوائي على الآثار بل ساعدهم في ذلك خبراء أجانب من الدول المعادية للدولة السورية حيث تعاملوا مع المواقع والمدن الاثرية عبر تجارة وتهريب القطع الاثرية التاريخية من أجل تأمين مصادر تمويل اضافية وتدمير الاثار التي لم يستطيعوا بيعها أو تهريبها الى خارج سورية ومثالها تدمير تنظيم داعش واجهة المسرح الروماني والتترابيلون فى مدينة تدمر الأثرية والتماثيل والقطع الأثرية التي تم العثور عليها فى موقع دورا أوروبوس أو الصالحية الأثري غرب مدينة البوكمال بريف دير الزور ناهيك عن استخدام المواقع الأثرية كمقرات ومستودعات للأسلحة والذخيرة واتخاذها ملاذا آمنا لأن وحدات الجيش لا تستهدفها خلال أعمالها القتالية.