الشاعر عماد جنيدي: تجربة إبداعية صاغتها الموهبة والقراءة الملهمة

اللاذقية-سانا
في قرية جبلية ساحرة بريف اللاذقية تفتحت شاعرية الأديب عماد جنيدي بين الينابيع والغابات والوديان والأزهار البرية والطيور على أنواعها وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر لتتوالى قصائده المفتونة بطبيعة قرية حلبكو الآسرة وليطغى عليها الطابع الوصفي انطلاقا من دفق في المشاعر وعمق في الانتماء
لهذه البيئة الريفية التي بقيت تعشش في جنبات الذاكرة لتنسكب شعرا دافئا مؤثرا في الفكر والوجدان.
في هذا الإطار ذكر الشاعر جنيدي في حديثه لسانا أن تجربته الشعرية نتاج موهبة فطرية و قراءة مستفيضة في التراث الشعري العربي فقد حفظ الكثير من قصائد الشعر العربي القديم والحديث والتي تتقاطع مع تجربته في الشعر والحياة فمن الشعر الجاهلي وقدرته على التصوير الفني والخيال وتجسيد الوقائع مرورا بشعر الصعاليك الذين تمردوا على أنماط القبلية وأعرافها وقيمها ومن ثم العصر العباسي حيث بلغ الشعر العربي أوج نضجه الفني والفكري والحضاري وصولا إلى عصر الانحدار الذي استمر لخمسة قرون فعصر الاحتلال العثماني للوطن العربي على امتداد أربعة قرون.
وأضاف جنيدي.. خلال تسعة قرون من عمر الزمن كانت الأمة ومعها الشعر العربي والفلسفة والفنون في سبات عميق إلى أن حل القرن العشرين فعادت للظهور عبقريات شعرية وقامات هائلة وعلى راسها أحمد شوقي وبشارة الخوري وبدوي الجبل ونديم محمد وعمر أبو ريشة وسواهم كثر وصولا إلى تجربة الشعر العربي الحديث التي شكلت انقلابا جذريا على السياق التقليدي للشاعرية العربية وكانت ذروة التأملية والثورية لغة وموقفا وعمقا فكريا عبر الشاعر ادونيس ويليه الشاعر بدر شاكر السياب والمئات من شعراء الحداثة ممن قدموا اسهامات نوعية سينصفها نقاد الأجيال الجديدة.
وأشار إلى دأبه وأبناء جيله ممن اصطلح على تسميتهم بجيل النكسة بالنشر في المجلات والجرائد والدوريات المحلية والعربية وخاصة الموقف الأدبي السورية ومجلة الآداب اللبنانية حيث عانى هذا الجيل من الام النكسة واحزانها وارتكاساتها فكان شعرا سوداويا رغم انه لا يخلو من بعض ومضات الامل.
وتلخصت تجربة جنيدي الذي ولد عام 1949 من خلال مجموعتين شعريتين صدرت الاولى في العام 1982 بعنوان صور السهل الأزرق ومن ثم مجموعته الشعرية الثانية بعنوان قميص الخراب التي صدرت في العام 1984 حيث اعيد طبع المجموعتين ثلاث مرات ونفذتا بسرعة بالإضافة الى العديد من المجموعات الاخرى التي لم تنشر لأسباب مادية محضة رغم ان عددا من معجبيه وقرائه عرضوا عليه طباعتها على نفقتهم الخاصة وهو الامر الذي قوبل بالرفض من
جهته.
أما أهم القضايا التي تناولها في مجموعتيه السابقتين فكانت حسب قوله قضايا تتصل بالوطن والإنسان حيث كان للقضية الفلسطينية نصيب كبير من شعره بالإضافة إلى التفاوت الطبقي بين الأغنياء والفقراء وموضوعات أخرى متنوعة.
وتابع جنيدي اهملت مديريات الثقافة وفروع اتحاد الكتاب العرب الكثير من المواهب الشابة بكل أسف بينما كان عليها أن تعمل على احتضانها وأغنائها وتنميتها وتشجعها لكنها لم تفعل فصار الواقع الشعري رهنا بالإصدارات العشوائية التي تصدرها دور النشر الخاصة والتي تحتاج حقيقة إلى محكمة نقدية حازمة وحاسمة
فأنا لا أجيز بأي حال من الأحوال أن تطبع أي مجموعة شعرية وهي مليئة بالأخطاء النحوية والعروضية بعد سفر تاريخي حفظ فيه القرآن والشعر العربي الكلاسيكي لغتنا العربية وجددها لاحقا الشعر العربي الحديث.
وحول دور المثقفين والأدباء في قضايا الوطن والامة وخاصة في المحنة الحالية تابع القول.. خلال اربع سنوات وحتى الآن لم يظهر عمل شعري أو درامي أو مسرحي أو سينمائي يصل إلى مستوى هذه المحنة بل حتى إلى أدنى مستوياتها فكل ما رأيناه هو كلام وصفي حار وصادق لكن المحنة تحتاج الى عمل ابداعي يكون على مستوى وعمق الوجع الانساني والاجتماعي الذي اصاب السوريين ولعل الايام القادمة تشهد على ظهور اعمال تحقق المستوى المطلوب.
واختتم بالإشارة إلى أنه و مع بدء الالفية الثالثة تبدو الحالة الشعرية العربية على امتداد خارطة الوطن العربي وكأنها صحراء مقفرة فمنذ اربع سنوات حتى الآن لم يقرأ لشاعر من الجيل الجديد قصيدة يمكن وصفها بالتميز الا في ما ندر باستثناء عدد قليل من الشعراء السوريين امثال مالك الرفاعي و ايمن معروف وعبد الكريم شعبان وسومر عبد اللطيف ومناة الخير ومها قنوت ومرام المصري وغالبيتهم لا ينتمون الى الجيل الجديد بل هم من الناحية العمرية والشعرية مخضرمون قدموا اسهامات نوعية جيدة للغاية في معظم الاحيان.
رنا رفعت

انظر ايضاً

ترحيب عربي ودولي بقرار العدل الدولية وقف العدوان الإسرائيلي على رفح

عواصم-سانا لاقى القرار الصادر اليوم عن محكمة العدل الدولية وقف العدوان الإسرائيلي على مدينة رفح …