الشريط الإخباري

الشاعر جابر مرشد خيربك… إرث أدبي يمتد لستين عاما

اللاذقية-سانا
تشكل سيرة الشاعر جابر مرشد خيربك تجربة أدبية مهمة امتدت منذ أربعينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا لتفرز عبر ستة عقود من الزمن عددا من الدواوين المهمة من الناحيتين الموضوعية والأسلوبية ما جعلها تترك أثرا واضحا في الساحة الشعرية السورية خاصة أنها تناولت في مضامينها العديد من القضايا والمفاهيم الإنسانية النبيلة بما فيها تلك التي وجهت خطابها للطفل وهو أدب يفتقده الواقع الشعري العربي عموما.
واشار خيربك في حديث لـ سانا إلى أنه اعتمد في أسلوبه الأدبي على الموضوعية فإذا ما تناول فكرة ما فإنه لا يخرج من اطارها ولا يتخذ منها مدخلا لمواضيع متعددة وافكار أخرى متنوعة كما هي حال بقية الشعراء متبعا بذلك أسلوب ابن الرومي الذي يتناول موضوعا ما فيبقى في رحابه ويلم به إلماما واسعا شاملا فلا يترك فيه كما يقول العقاد “زيادة لمستزيد ولا ثغرة لمتتبع” إنما يتقيد بالفكرة تقيدا كاملا مشبعا اياها بحثا ودراسة وتمحيصا وصولا إلى الشاعرية المطلقة فمذهبه في الشعر هو الوضوح بعيدا عن الغموض الذي لا يحبه و لا يجد له مبررا و لا سببا من حيث أن الله أعطى الإنسان الشاعر القدرة على صياغة أفكاره وإقرارها وصبها بوضوح ونغم و وزن وحسن أداء.
ولفت صاحب المجموعة الشعرية (منابع البيان) إلى أن المرأة كانت ذات حضور مميز في حيز واسع من أشعاره حيث تجلت صورة الأم والزوجة والحبيبة والإبنة وهو الأمر الذي يؤكده صدور ديوان كامل يحمل اسم ابنته (ضحى) والتي كتب لها الكثير من القصائد في مناسبات عدة.
وكحال العديد من الشعراء السوريين حمل خيربك الوطن في قلبه وفي فكره فكانت احداثه تدفعه لمشاركته الاحداث والاحزان كتابة وشعرا ودموعا والى جانب حب الوطن عاش معه حب الأهل والأولاد ورفاق الدرب فكان لكل هؤلاء موقع واسع في وجدانه واعماله فهو لا يكتب الشعر إلا عندما يقبض على فكرة اثيرة الى نفسه فيدفعه الإحساس وتدعوه القصيدة إلى بلورتها شعريا.
وعن رأيه بالجيل الشاب من الشعراء أوضح صاحب مجموعة (عبير القوافي) إن الكثير من الشعراء الشباب لا يهتمون بالوزن والايقاع والموسيقا في شعرهم وهذا هو الأهم فالشعر يحتاج إلى موسيقى مثل آلة العود التي تحتاج إلى أوتار حقيقية لتعطي صوتا عذبا وجميلا مطالبا الشعراء الشباب بالمطالعة والقراءة وحفظ الأشعار والدواوين لغيرهم من الشعراء الكبار والاهتمام بثقافتهم ولغتهم ومفرداتهم وقواعد اللغة العربية وأصولها.
وبدأت التجربة الشعرية للشاعر خيربك منذ الطفولة حيث نشر أولى قصائده في جريدة البلاد التي كانت تصدر في محافظة اللاذقية في اربعينيات القرن الماضي حيث تبلورت بواكير موهبته الشعرية في بيئة ريفية دافئة القت على مسامعه طوال الوقت القصائد الشعبية المغناة سواء تلك التي طالما انشدتها الام وهي تهز السرير لابنها أو تلك التي صدح بها الراعي مغنيا لاغنامه ومثلها شدو الفتاة التي تملأ الماء من العين.
وقال: في المرحلة الابتدائية كنت اقرأ الشعر الموزون والمقفى أمام الناس وفي المرحلة الاعدادية بدأت احاول كتابة الشعر ليكبر حبي لذلك الشكل الادبي فأهرع الى تعلم ودراسة أصول وقواعد اللغة العربية والتعمق فيها بالاضافة إلى قراءة نتاج كبار الشعراء أمثال المتنبي الذي حفظت له الكثير من القصائد عن ظهر قلب متأثرا في الوقت نفسه بشعر بدوي الجبل وعمر أبو ريشة ونديم محمد الى جانب شعر الاخوانيات الذي شده كثيرا واحتل حيزا واسعا من إنتاجه.
وأشار إلى أنه أصدر حتى الآن ست مجموعات شعرية كانت جميعها نابعة من احاسيس ومشاعر داخلية اغنتها التجارب التي عاشها وتأثر بها وربما كان للبيئة والمكان كبير الاثر في قصائده حيث نشأ وترعرع في قرية جميلة اسمها الحمى فعاش في ربوعها وتمتع بهوائها وركض تحت مطرها وشمسها ونام في فيء ازهارها وأشجارها كما سهر في ضوء قمرها ونجومها لتتشرب روحه ونفسه من جمال طبيعتها وصفائها وصدق اهلها وهي مظاهر تجلت جميعها في أشعاره جمالا ووفاء وصدقا واخلاصا للوطن والأهل والأصحاب والأصدقاء.
وصدر لشاعرنا عام 1978 ديوان تحت عنوان (الرياحين) وهو مجموعة موجهة للاطفال تحوي 300 قصيدة سعى فيها الى المساهمة في تكريس أدب الطفل الذي طالما احتل المكانة الاولى لدى الشعوب والأمم كما قال وذلك لما له من كبير الاهمية في بناء الاجيال وتهيئتها لمستقبل أفضل في حال احتل هذا الأدب مكانته الحقيقية لدى رجال
الفكر والمربين.
وأضاف.. في العام 1993 اصدرت المجموعة الثانية تحت عنوان (بيادر عطر) وتضمنت مواضيع مختلفة وقصائد للوطن والحب والانسان تلتها مجموعة (ضحى) في العام 1996 ثم (عبير القوافي) في العام 2000 و(شوارد النغم) في العام 2002 و صولا إلى آخر مجموعاته (منابع البيان) في العام 2006 و ركز في جميعها على موضوعات متنوعة انسانية واجتماعية وسياسية ووطنية.
يذكر أن الشاعر من مواليد قرية (الحمى) في منطقة القرداحة عام 1933 ويحمل اجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 1966 كما أنه عضو اتحاد الكتاب العرب فرع دمشق منذ عام 1991.

رنا رفعت

انظر ايضاً

محمد حجازي.. شاعر شغفه قصيدة النثر وإداري يؤمن بريادة حلب الإبداعية

دمشق-سانا تتآلف القصيدة عند الشاعر محمد عبد القادر حجازي مع الشعر الحديث فهو يكتبها بانفعال …