التشكيلية نجود اسعيد: الفن السوري قادر على التعبير عن حضارتنا العريقة

دمشق-سانا

تعيش التشكيلية نجود اسعيد حالة من الشغف الدائم بالعمل الفني وتعبر بعفوية عن موهبتها سواء بالألوان على سطح اللوحة أو بالخامات المختلفة في الأعمال النحتية فتقدم زخما كبيرا من الانتاج الفني المتنوع لتشبع العشق الجامح لديها للجمال والفن والوجد الإنساني.2

وتقول التشكيلية اسعيد في حديث لـ سانا.. إن حبي وشغفي بالرسم والألوان بدأ من سني طفولتي الأولى وكانت أجمل هدية تقدم لي هي ادوات الرسم فكبر معي حلمي بعالم الفن ولون حياتي وملأها بالحب والنبض ومازال هذا الحلم يرافقني ويدفعني للعمل والاجتهاد أكثر ولا أظنه سيغادرني يوما.

وتضيف.. ان المواضيع التي تستهويني وتجذبني هي الحالات الإنسانية الانفعالية المعبرة عن المعاناة والألم والحزن إلى جانب الجمال في التكوين البشري مبينة انها تسعى لإظهار المشاعر المتناقضة والانفعالات القوية في أعمالها النحتية المركزة دائما على العنصر البشري بأسلوب تعبيري يقترب من التجريد أحيانا.

وتوضح الفنانة المعتمدة على الفطرية في تعاطيها مع الخامات المختلفة أنها تفضل الحجوم المتوسطة لأعمالها النحتية رغم اشتغالها في بعض الأحيان على الحجوم الكبيرة مشيرة إلى أن الخامات التي تتعامل معها وتفضلها هي الصلصال والسيراميك والخشب حتى انها استعملت اليقطين كخامة لبعض اعمالها الكبيرة
لخفة وزنه وصلابته.

ولفتت إلى أنها تعمل حاليا على مجموعة أعمال نحتية من خامة خشب الزيتون الذي وجدت فيه مطواعية كبيرة للنحت وسهولة للتحوير إلى جانب تكوينات جذوعه الملهمة والجميلة.

وتعتبر اسعيد أن المناخ الفني العام في مدينة اللاذقية ساعدها كثيرا على الاستمرار والانتاج في مجال الفن التشكيلي حيث كانت الأبواب دائما مفتوحة للخوض في أي مغامرة فنية والمشاركة في الأنشطة التي تقام سواء من قبل فرع اتحاد التشكيليين أو في المراكز الثقافية أو من قبل الجمعيات الاهلية والفنية والصالات الخاصة.3

وتؤكد الفنانة الدارسة للأدب الانكليزي أن الحركة التشكيلية السورية تأثرت كثيرا في ظل الأزمة الراهنة فعجلة الانتاجات الفنية شبه متوقفة في أكثر من محافظة مبينة ان هذه الحالة لا يمكن لها أن تدوم لأن التشكيليين السوريين امتلكوا اليوم دافعا أكبر للعمل والتعبير عن روءاهم الفنية في محاربة الإرهاب انطلاقا من قوة دور الفن وقدرته على العطاء الدائم.

وعند الحديث عن الأزمة فإن فنانتنا تشير إلى أن بداية الأزمة تسببت بحالة من الذهول والجمود لأغلب التشكيليين من فداحة الصدمة التي طالت أغلب الشعب السوري لكنها بينت أنها لم تتوقف عن الرسم والنحت ابدا.

وتقول.. دفعتني الأزمة إلى رسم ونحت وجع الناس الذي أراه في عيون الثكالى والأيتام والمشردين الذين تركوا بيوتهم مجبرين وصارت لوحتي ومنحوتتي نابضة بمعاناة الناس ووجع الوطن.

وتسعى التشكيلية المجتهدة دائما للبحث عن أساليب جديدة وتقنيات لم تستعملها من قبل وذلك من خلال التجريب في مختلف الأساليب والتقنيات والاطلاع على التجارب المهمة وقراءة الكتب الغنية والمقالات الجديدة في الفنون الحديثة على أكثر من صعيد فهي مسكونة بحب التطور ومواكبة الجديد في الفن دائما وتقديم أعمال أكثر نضجا من الناحية التقنية والفنية مع المحافظة على هويتها وشخصيتها الفنية الخاصة.

وتوضح اسعيد أنها لا تسعى من وراء عملها الفني إلى الكسب المادي فهي لا تحب اخضاع أعمالها لمساومات مادية رغم أن هناك بعض المردود الذي يتحقق من بعض المشاركات التي تنظمها جهات اقتصادية مفضلة تقديم عملها الفني كهدية للشخص الذي يبدي حبا وتقديرا لهذا العمل وهذه اكبر جائزة يمكن ان تنالها عن موهبتها الفنية.4

وتعبر ابنة مدينة جبلة عن تفاؤلها بمستقبل الفن التشكيلي السوري انطلاقا من امتلاكنا لحضارة لا يمكن لأي جهة ان تنال منها ومن إرادة اصحابها مختتمة حديثها بالقول.. إن حضارتنا التي نفتخر ونعتز بها لا يمكن للجهلة أن يلغوها بالحقد والإرهاب وسيبقى الفن السوري قادرا على تخليد حضارته والتعبير عنها وسيكبر ويقوى أكثر بفضل إرادة الإنسان السوري المحب للجمال والنابض بالحياة.

محمد سمير طحان