«محاسن» خلافات الأعراب!- بقلم: أحمد ضوا

لا شيء لافتاً في القول: إن إمارة قطر تهرول خلف كيان العدو الإسرائيلي، فهذه الحقيقة مقرٌ بها من أمراء الدوحة وفق صيغة «الأجير والسيد»، ولكن الجديد والمضحك معاً هو أن تنشر صحيفة «الرياض» السعودية في عددها الصادر أمس مقالةً بعنوان «قطر: ود لإسرائيل»..ولـ«القضية» بريق الشاشات،

في إطار الحرب الإعلامية المستعرة بين الطرفين بعد خروج الخلافات السياسية بين الجانبين إلى العلن والتي تتمحور في جانب منها حول الصراع على قيادة وتوجيه التنظيمات الإرهابية التي تنتشر كالنار في الهشيم على مساحة العالم.‏

طبعاً لست في وارد الدفاع عن إمارة قطر الغارقة في التآمر على القضايا العربية، والجاهزة للانخراط في أي مشروع من شأنه نيل رضا أسيادها إلا أنه من حق الكثيرين أن يقفوا عند هذا الإعلان السعودي عن هرولة قطر خلف إسرائيل، وحجتهم أن للسعودية أيضاً هرولة خلف إسرائيل وهناك علاقات واسعة معلنة بين آل سعود والحكومة الإسرائيلية ولا ضير لدى أي أمير أو مسؤول في هذه الأسرة من لقاء أي مسؤول إسرائيلي حتى أولئك الذين يدعون إلى محو العرب من الوجود.‏

الحقيقة أن طبخة العلاقات الإسرائيلية الخليجية شاركت بها أغلبية دول الخليج، كل منها حسب حصته، وقد تكون حصة مملكة آل سعود هي الأكبر بالنظر إلى ريعها الاقتصادي. ولكن الجميع متورطون بعلاقات مشبوهة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، والخاسر الأول هو القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ومن ثم الحقوق العربية بشكل عام.‏

من جهة إمارة قطر لا خجل على الإطلاق في العلاقة التبعية مع إسرائيل، وهناك معلومات تؤكد أن جزءاً من الغاز القطري يذهب إلى كيان الاحتلال بأسعار بخسة، وأن صيغة التعاون بين الطرفين تتجاوز كثيراً ما هو معلن عنه في الإعلام.‏

أما من ناحية مملكة آل سعود فعلاقتها مع اسرائيل خارج إطار الإعلام الرسمي السعودي، ولكن صيغ التعاون بين الطرفين واضحة للعيان على كل المستويات، وشكلت فضيحة الموقف السعودي من حرب تموز واتهام المقاومة اللبنانية بالمسؤولية الكاملة عن الحرب، وتبرئة ساحة العدو الإسرائيلي منها دليلاً قاطعاً على تورط هذه المملكة في الدفاع عن حرب اسرائيلية قذرة بحق الشعب اللبناني ، ومن ثم تراكمت الوثائق إلى أن وصلنا إلى الحرب الإرهابية على سورية، حيث تتشارك السعودية وإسرائيل والأردن وبعض الدول الغربية في إدارة غرفة الموك التي توجه الإرهابيين في سورية وتمدهم بالمال والسلاح.‏

ولم تكن إسرائيل بعيدة عن الصفقات التي وقعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع مملكة آل سعود، حيث ذكرت صحيفة «ذي ماركير» الإسرائيلية أن الكثير من الشركات الأمنية والشركات المنتجة للسلاح في إسرائيل ستستفيد من الصفقات الأميركية السعودية في مجال السلاح والتي تبلغ قيمتها 350 مليار دولار، وأن ذلك تم بعلم الأسرة السعودية.‏

لا شك في أن إمارة قطر قادت التطبيع الخليجي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي في العقدين الماضيين، وشرّعت الأبواب أمام الشركات الإسرائيلية للنفوذ إلى الأسواق الخليجية بالكامل، ولكن في ظل الحالة العربية المحزنة تحول الموضوع برمته إلى تنافس بين هذه الدول الوظيفية التي تلعب الأدوار المرسومة لها بما يخدم المصالح القومية للولايات المتحدة ومصلحة إسرائيل في المقام الأول.‏

على مدار نحو ستين عاماً لم يكن للخلافات الخليجية الخليجية أي فائدة تذكر على صعيد الحقوق العربية، وإنما كانت تدفع هذه الدول إلى تعزيز ارتهانها للخارج، وخاصة الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي لضمان حماية «الشقيق العدو» حسب المسميات الخليجية، وإنَّ جلَّ فوائد هذه الخلافات تنحصر فقط في تأكيد المؤكد عن علاقاتها المعلنة وغير المعلنة مع عدو العرب.‏

لو كانت مملكة آل سعود تهمها القضية الفلسطينية كما هو حال بعض الدول الخليجية الأخرى لمدت يدها إلى الفلسطينيين لتعزيز صمودهم بوجه الاحتلال، ولكن كل هذه الدول لا تهتم إطلاقاً بالقضية الفلسطينية التي غالباً ما تكون شماعة للنيل من دولة أخرى.‏

ما يؤكد أن آل سعود وآل ثاني متورطان في العلاقة المشبوهة مع كيان الاحتلال الصهيوني هو دعمهما للتنظيمات الإرهابية التي تتلقى التوجيه والدعم من كيان الاحتلال الإسرائيلي لقتل الشعب السوري وتدمير بناه التحتية وحكاية ذلك كافية لوضعهما في مقلاة واحدة.‏

صحيفة الثورة