دورات الشطرنج للأطفال تجربة نوعية لتنمية الذكاء

اللاذقية-سانا

يعتبر تعميم لعبة الشطرنج بين أوساط الأطفال وجذبهم لها وتعليمهم أصولها من الأهداف الأساسية التي تسعى إليها المدربة ريم أحمد من خلال الدورات التدريبية المتنوعة التي تقيمها في جميع أنحاء المحافظة والتي تبدأ من عمر الطفولة وصولاً إلى سن الثامنة عشرة لتكون اللعبة من الأساسيات التي تنمو مع الطفل وتنمي ذكاءه في الوقت عينه لتصبح فيما بعد ركنا من حياته لايمكنه الإستغناء عنه.

وفي حديث لنشرة سانا سياحة ومجتمع قالت المدربة أحمد إنها أجرت العديد من الدورات خارج نطاق اتحاد الشطرنج لتكون موجودة مع الأطفال أينما كانوا حيث نفذت دورات ضمن مكتبة الأطفال العمومية و تحضر حالياً للعمل مع أبناء الشهداء كما تم الإتفاق مع إدارة مدرسة واحة الشام الخاصة لتنظيم دورات لطلابها الأمر الذي اعتبرته نقلة نوعية في عملها كمدربة لكونها تسهم في إدخال اللعبة إلى المدارس وهو أمر دارج بشكل كبير في عدد من دول العالم.

وأضافت حالياً نستقبل الأطفال من عمر أربع سنوات في دورات في مركز العروبة للأنشطة الثقافية بمعدل ساعتين ثلاث مرات أسبوعياً نحاول خلالها أن نعلمهم أساسيات اللعبة والمهارات الرئيسية والخطط المتعارف عليها لحل المشكلات والوصول للهدف المطلوب ويوجد تفاعل كبير وحماس من الأطفال لمعرفة أسرارها لافتة إلى أن تعلم الشطرنج يشبه إلى حد كبير تعلم اللغة فالأطفال يتعلمون الكلام قبل التعمق في فهم اللغة والبلاغة والنحو ففي أحيان كثيرة نجد أن عدداً من الناس يتكلمون اللغة العربية الفصيحة دون أن يتعلموا تفاصيلها الدقيقة كذلك الشطرنج فهي لعبة تعتمد على حب ومزاج وخيال الطفل الذي يميزه ويتفوق به.

ترى المدربة أحمد أن تعليم الأطفال أسس الشطرنج في سن مبكرة يعود عليهم بفوائد فكرية وأكاديمية واجتماعية ونفسية عديدة مشيرة إلى الدراسات التي لاحظت علاقة هذه اللعبة برفع مستوى التحصيل الدراسي للطلبة وتحديداً في المواد العلمية كالرياضيات والعلوم و في رفع معدل الذكاء وتقوية الذاكرة والتخيل البصري وتدرب العقل على وضع الاستراتيجيات والتخطيط ومعرفة الإحتمالات الممكنة لحل المشكلات واتخاذ القرارات.

وأوضحت أن الدورة تحوي جوانب أخرى بالإضافة للتدرب على الشطرنج كألعاب الذكاء التي تستخدم أساليب العصف الذهني لمساعدة الطفل على تنشيط ذهنه وكسر جمود اللعبة.

وقالت أوجه رسالة لكل أسرة بأن يعلموا أبناءهم الشطرنج لدوره في اكتساب مهارات الحياة والثقة بالنفس وتقبل الآخر وعدم الإستهانة بأي اقتراح أو طرح والإلتزام بالوقت وتقبل الخسارة قبل الفوز فأثناء تدربهم يتعلمون التخطيط طويل الأمد ووضع الخطط العلاجية لاحتواء الموقف وقلب النتائج كما أن اللعبة لها دور في تصنيفهم كأذكياء.

وأشارت المدربة إلى أنه يمكن للأطفال ذوي الإعاقات أن يشاركوا في تعلمها حيث دربت طفلاً لديه إعاقة ذهنية وأصبح قادراً على فهم اللعبة والإندماج مع الأطفال الآخرين في الوقت نفسه.

وتقوم المدربة أحمد بتمهيد الطريق لتحقيق ما تصبو إليه رغم معرفتها بصعوبة نيله بالشكل الذي تريده لكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة حسب رأيها ولا سيما أنها تحتاج دعم كل الجهات التي تهتم بترويج اللعبة وتشاركها نفس الطموح مؤكدة أن كل طفل سيكون قادراً بعد اجتيازه الدورة على المشاركة في بطولات الطلائع ومسابقات المدارس إضافة إلى بطولة الجمهورية للحصول على ترتيب معين وأوضحت أن مشاركة الإناث في الدورات تعادل مشاركة الذكور وهو أمر إيجابي للتخلص من فكرة أن هذه الرياضة مخصصة فقط للرجال.

من جهتها قالت المتدربة روز محفوظ 14 عاما أنها تتدرب على لعبة الشطرنج منذ زمن طويل واستطاعت الحصول على بطولات محلية عديدة مؤكدة أنها اكتسبت ميزة الصبر والثبات والتفكير المتعمق قبل إجراء أي نقلة ضمن الرقعة كما أنها اطلعت على طرق عديدة لحل مسائل تطرح ضمن الدورات تساعد في تفتيح الذهن وتنمية خاصية سرعة البديهة بالإضافة لتحاشي الخطأ وعدم الوقوع به مجدداً مشيرة إلى أن الاجتهاد الشخصي له دور كبير في تنمية مهارات اللاعب كما أن الإطلاع على مهارات الغير والتعلم منه يعتبر من إيجابيات أي دورة متخصصة في هذا المجال خاصة.

أما ذوو الأطفال المشاركين فقد أكدوا أهمية تعليم أطفالهم أسس لعبة الشطرنج كمحاولة لإخراجهم من جو الألعاب الالكترونية التي اجتاحت أوساطنا الاجتماعية والتي لا تكسب الأطفال إلا مزيداً من العنف والعدائية حيث تقول ميسون محمد أن ولدها اكتسب ميزة اللعب المنظم وطرق التفكير بأكثر من طريقة للحصول على نتيجة إيجابية.

أما رنا جديد فأشارت إلى أنها لمست هدوءاً ملحوظاً لدى طفلها الذي أصبح يقضي وقتاً طويلاً بممارسة تلك اللعبة التي ساعدته على تقبل الخسارة بروح رياضية وهي ميزة جيدة بينما أشادت السيدة رنيم عيسى بالجو الاجتماعي الذي يعيشه الطفل مع أقرانه أو من يكبرونه سناً لخلق الحافز ليكون موازياً لمستوى ذكائهم أو أفضل منهم بالإضافة إلى رغبته في التعلم والتطور نحو الأفضل.

ياسمين كروم