الشريط الإخباري

مبادرة أمان الشبابية.. فعل تطوعي يقوده مجلس الشباب السوري في اللاذقية لترسيخ التواصل الانساني مع شريحة المسنين

اللاذقية-سانا

انطلاقا من دوره الحيوي على صعيد تفعيل العمل الشبابي التطوعي وايجاد البيئة الداعمة له يواصل مجلس الشباب السوري في محافظة اللاذقية عمله على نطاق المبادرة الانسانية التي أطلقها قبل شهر ونصف الشهر تحت عنوان أمان والرامية إلى تعزيز التواصل الانساني مع شريحتي العجزة والمسنين ممن انتهى بهم المطاف إلى جمعيات ودور الرعاية العامة او الخاصة ليقضوا ما تبقى من حيواتهم على اطراف المجتمع بعيدا عن الدفء الاسري الذي باتوا في ألح الحاجة له.

ويتضمن برنامج المبادرة التي يقودها عدد من الشباب الوطني الواعي في اطار سعي دؤوب للمشاركة والاسهام في عملية التنمية المجتمعية زيارات دورية للمسنين في دور الرعاية يتم خلال كل منها تأمين ما يحتاجه المسن من ملابس وبياضات وادوية وسواها بالإضافة إلى الدعم النفسي والمعنوي بدرجة أهم حيث تتم احاطة هؤلاء المسنين بسياج من المشاعر الدافئة القادرة على تلطيف أجواء العزلة التي يعيشون فيها.

وفي هذا السياق ذكرت زينة حرفوش المنسقة الإعلامية في المجلس لنشرة سانا الشبابية.. ان هذه المبادرة تقام تحت شعار هم بركتنا للتأكيد على اهمية ونوعية هذا الحضور الانساني الذي يمثله المسن في حياة الجيل الشاب نظرا لما يمتلكه من تجربة طويلة افرزت بدورها سلسلة من الخبرات الحياتية مما يقدم لاجيال بأكملها على طبق من ذهب وبالتالي يتوجب التعامل معهم على انهم ايقونات نفيسة تتطلب الكثير من الرعاية والاهتمام.

وقالت حرفوش.. “استطعنا من خلال هذا العمل ان نطال ما يقرب عشرين من الرجال المسنين وخمس عشرة امرأة مسنة تضمهم ثلاث دور رعاية في المدينة هي جمعية دار الراحة وجمعية دار البر وجمعية دار المواساة الاسلامية موضحة ان المرحلة الأولى من المبادرة ركزت خلال شهر رمضان الفضيل على اقامة عدد من حفلات افطار او غداء للمسنين في حين بدأ التوجه في مرحلة لاحقة إلى الرعاية النفسية لهم”.

وعن الرعاية النفسية للمسنين تابعت حرفوش.. انها كانت من خلال جلسات الاستماع الطويلة التي يقوم بها الشباب لهواجس المسنين وهمومهم التي يفرضها عليهم عمر الشيخوخة وما يرافقه من الام ومخاوف بالاضافة الى شغفهم الدائم برواية القصص والتجارب التي مروا بها وتحتاج إلى من ينصت اليها ويستقي منها كجزء من ذاكرة انسانية ثرية يصعب تعويضها.

من ناحيته اوضح ذوالفقار حسن من الشباب المؤسس للمبادرة ان التواصل الانساني مع المسنين هو امر في غاية الأهمية يتطلب من شريحة الشباب العمل على تحويل التعاطي الايجابي مع كبار السن إلى ثقافة اجتماعية رائجة يتم عبرها التأكيد على دور المعمرين في رفد الاجيال الجديدة بخلاصة تجاربهم ومعارفهم الحياتية كإرث غني يجدر صونه والمحافظة عليه.

Aman 2

ولفت إلى ان التواصل مع المسنين منذ انطلاق هذه الحملة وفر للشباب المشارك فرصة التعرف من جديد على تاريخ بلده ومجتمعه من عدة جوانب اهمها الاجتماعي والفكري وذلك من خلال الاستماع إلى سلسلة من الروايات الحية التي يسردها المسنون خلال الزيارات الدورية لهم والتي تسلط الضوء على كثير من نواحي الحياة في مراحل منصرمة من تاريخ سورية المعاصر.

وهذه الروايات والحكايا تعكس من وجهة نظر حسن صورة شاملة عن ملامح المجتمع السوري في أدق تفاصيله اليومية حيث تثري قصص المسنين بتفاصيل مكثفة ربما يصعب على أي مرجع وثائقي الالمام بها إلى جانب ما تقدمه من بانوراما شاملة لشبكة العلاقات الانسانية التي صاغت المشهدية الاجتماعية في سورية قبل عقود من الزمن.

وأشار الى ان هذه المبادرة التي انخرط في فعالياتها وانشطتها عشرات الشباب المتطوعين ساهمت في ترسيخ ثقافة العمل التطوعي في الشأن العام لافتا إلى أن عدد المشاركين في هذا الجهد الشبابي انطلق بداية عبر خمسة شباب لا أكثر ليصل بعد اسابيع قليلة إلى خمسين شابا وشابة من مختلف اطياف المجتمع السوري.

بدورها قالت ياسمين زيدان من الشباب المتطوع… “إن المسن عادة ما يكبت الكثير من مشاعر الحزن والاسى والفقدان بعد انتقاله إلى دور رعاية العجزة نظرا لغياب المحيط الاسري الدافئ حيث يولد هذا الكبت الكثير من الافكار والانفعالات السلبية في داخله جراء استعصاء قدرته على التعبير عما يجول في خلده”.

وذكرت.. ان مبادرات من هذا النوع تساعد المعمر على تنفيس هذه الاحاسيس السلبية والتعبير عما يجول بخاطره بغياب أفراد الأسرة التي نشأ فيها مؤكدة ان تفاعل المسنين مع انشطة المبادرة ارتفع تدريجيا ويوما بعد اخر ليصل حد المشاركة الحقيقية في صوغ النتائج الايجابية التي كانت هدفا وغاية منذ انطلاق الفكرة.

أما معن الحاجي وهو من اصحاب فكرة هذه المبادرة فقد عبر عنها بقوله.. “سنصل جميعا إلى هذه السن المتقدمة وستكون لنا ذات الاحتياجات المادية والمعنوية لذلك فإن ما نؤسس له اليوم سينعكس علينا وعلى ذوينا في وقت من الأوقات وهو ما يؤكد على ضرورة العمل المخلص والجاد في هذا الاتجاه”.

ونوه إلى ان “هذه المبادرة تحتاج الى مزيد من العمل والتطوير حيث يمكن استثمار نتائجها الباهرة مما تجلى حتى الآن للارتفاع بسقف الرعاية الانسانية للمسن من مختلف الجوانب وهو ما يحتاج الى تعميق الصلة بين هذه الفئة وشريحة الشباب اذ يتيح التقرب من المعمرين رصد احتياجاتهم وبالتالي العمل على توفيرها”.

أما الاهمية الكبرى لهذا الفعل الانساني فتظهر جلية من خلال ما اكده العم نجيب إبراهيم/75 عاما/ الذي يقيم في دار الراحة للمسنين منذ عدة سنوات حيث قال.. بعد ان بلغ العمر بي عتيا بدأت اشعر بأنني عالة على من حولي ..كانت نظرات الجميع من حولي تشي بذلك فكان احساسا مريرا ان اشعر ان المحيطين بي يرزحون تحت عبء رعايتي على مدار اليوم الى ان اتيت الى الدار فبدأت اشعر ان الاهتمام بي هنا لا يشكل عبئا انما هو نوع من العمل الذي نذر البعض انفسهم للقيام به..
و اضاف.. هنا اعيش مع اناس يشبهونني الى حد بعيد فظروفنا متماثلة و مشاعرنا متقاربة كما ان لدينا نفس الهواجس تقريبا و لذلك فان التواصل في ما بيننا يسير جدا و يساعد على التقارب و التنفيس عن دواخلنا بصورة تولد الكثير من الراحة..
على نحو مشابه تحدثت هناء داؤود و هي عجوز مسنة لا تعرف عن سنها شيئا سوى انها ولدت منذ زمن بعيد فقالت بصوت متقطع.. عانيت الوحدة لسنوات طوال فكانت وحشة قاتلة الا اجد من اجلس اليه و اتبادل معه اطراف الحديث الى ان حط بي المطاف هنا فلم تعرف العزلة القاسية بعد ذلك طريقا الي بل على العكس صار النهار مزدحما بأناس يعاملونني بمحبة و يمنحونني الكثير من وقتهم خاصة و انني الاكثر هرما و عجزا بين المقيمين في الدار ما يجعلهم يشعرونني بأنني أم لهم جميعا رغم شيخوخة بعضهم..
هنا لا بد من التأكيد قبل الختام على ان الاهتمام بالمسنين هو مسؤولية اجتماعية تتطلب تضافر جهود الافراد و المؤسسات المجتمعية في ان معا لتغيير ما هو سائد من مفاهيم خاطئة حول كبار السن على انهم عبء اجتماعي يتهرب البعض من النهوض به و بالتالي اعادة صياغة النظرة العامة في هذا الجانب واثرائها بما هو اكثر عمقا و ايجابية انطلاقا من كون المسن هو مخزن خبرات و تجارب و هو كذلك بركة تحل على محيطه الاجتماعي و في ذلك ما يتماشى مع كافة الوصايا السماوية التي حضت على رعاية كبار السن و الاحسان اليهم الى جانب ما اكدته المواثيق الدولية في هذا الصدد بعد ان اعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة الاول من اكتوبر(تشرين الاول) من كل عام ليكون /اليوم الدولي للمسنين/..
يذكر ان مجلس الشباب السوري يعمل على رفد الأفراد والمجموعات الأهلية والمؤسسات الرسمية بالدعم الممكن لقيادة مبادراتهم الفردية منها او الجماعية مما يصب في خدمة المجتمع وينهض به على مستوى الفكر والوعي والقدرات لتأسيس جيل من الشباب السوري المسؤول والواعي بقضايا وطنه ومجتمعه وبالتالي تأهيل كوادر قادرة على طرح الافكار الجديدة وتطبيقها بفاعلية على الأرض.

يشار ايضا إلى ان المجلس الذي اسس قبل ثلاث سنوات يقيم فعاليات دورية ذات طابع خدمي وانساني واجتماعي وبيئي ويتميز بالحيادية والوقوف على مسافة متساوية من جميع الأطياف حيث يفسح المجلس مساحة واسعة للمتطوعين من جميع الوان المجتمع السوري دون النظر إلى انتماءاتهم ايا كانت للمشاركة في انشطته ووضع بصماتهم الخاصة في جميع المبادرات التي يشرف عليها.

رنا رفعت

انظر ايضاً

اختتام مؤتمر الجمعية العمومية لـ أمان بمشاركة سانا

أثينا-سانا اختتمت في العاصمة اليونانية أثينا اليوم أعمال المؤتمر السابع والعشرين للجمعية العمومية لاتحاد وكالات …