جرائم الإرهابيين الغربيين تؤكد حقيقة تساهل حكومات الغرب تجاههم وعدم فرضها قيودا تمنع وصولهم إلى المنطقة

دمشق-سانا

تشكل مشاهد الفيديو التي تعرض إرهابيين من جنسيات غربية ينتمون إلى التنظيمات الإرهابية التي انتشرت في المنطقة بدعم أمريكي غربي وتمويل خليجي تأكيداً جديداً على اعتماد هذه التنظيمات على عنصر الشباب الغربي وزيادة العمل على استقدامه للقتال في صفوفها وتعيد إلى الأذهان حقيقة تساهل الحكومات الغربية تجاه هؤلاء الإرهابيين وعدم فرضها قيودا تمنع وصولهم إلى المنطقة لتجد نفسها اليوم أمام تحد خطير يتعلق بعودة هؤلاء الإرهابيين إليها ومحاولة نشر هذا الفكر بين شبابها.
وأماطت اللكنة البريطانية للإرهابي الذي قام بقطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي في شريط الفيديو الذي تم بثه مؤخرا اللثام عن دور الإرهابيين البريطانيين في تنظيم “داعش” الإرهابي قارعة بذلك جرس الإنذار في أوروبا عموما وبريطانيا خصوصا من الخطر المتعاظم الذي بات يمثله هذا التنظيم على أمنها ومصالحها وحياة مواطنيها في دولها نتيجة مخاطر عودة إرهابييها إليها وفي المنطقة نتيجة استمرار التنظيمات المتطرفة باستجلاب المزيد من المواطنين الغربيين.
وبدلا من أن تدفع اللكنة البريطانية للإرهابي المذكور الحكومة البريطانية إلى اتخاذ إجراءات حازمة تمنع سفر مواطنيها ذوي الميول الدينية المتطرفة إلى المنطقة تكتفي حاليا بالتساؤل فقط عن الأسباب التي تدفع مواطنيها للانضمام إلى صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية والعراق دون أن تكلف نفسها عناء حظر الحملات الدعائية التي تروجها التنظيمات الإرهابية على مواقع التواصل وفي الشارع البريطاني لتشجيع المواطنين والرعايا البريطانيين على الانضمام لصفوفها مستفيدة من المزايا والتسهيلات التي تقدمها الحكومة البريطانية لها.
ولا يغيب عن الأذهان الصورة المروعة التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت لطفل أسترالي يحمل رأس إحدى الضحايا الأبرياء الذين قام بقتلهم والده الإرهابي بدم بارد والذي يقاتل في صفوف تنظيم “داعش” فيما يعلق والده على الصورة بالقول متفاخرا “هذا ابني” الأمر الذي شكل صدمة لم يستفق منها بعد المجتمع الأسترالي.
وتعليقا على قيام إرهابي بريطاني بقطع رأس الصحفي الأمريكي اعتبرت الباحثة المتخصصة بقضايا مكافحة الإرهاب في مؤسسة كويليام ارين ماري سالتمان في حديث لوكالة فرانس برس أن القرار الذي اتخذه تنظيم “داعش” الإرهابي بتكليف بريطاني بالإقدام على ارتكاب هذه الجريمة هو “قرار متعمد مئة بالمئة” مبينة أن المجتمع الغربي عندما “يرى شخصا كهذا نشأ فيما نعتبره مجتمعا ديمقراطيا فهذا يؤثر فينا أكثر”.
وحذرت الباحثة سالتمان من أن جيل الشباب البريطانيين يواجه ما وصفته بـ “صعوبات في صنع هويته خصوصا في مجتمع يخضع للعولمة حيث تتشابك الهويات” مضيفة “قبل شهر كنت سأقول لكم إن عدد المقاتلين من بريطانيا سينخفض لكن هؤلاء المقاتلين حاليا يريدون دعم قضية رابحة وتنظيم “داعش” أصبح دولة اليوم في نظرهم”.
ولفتت سالتمان إلى أن “البعض يشعرون بارتياح أكبر في بيئة محددة وبالتالي هم أكثر عرضة للانجذاب إلى التنظيمات المتطرفة التي تعدهم بالموت شهداء حيث يصبح الواحد منهم بطلا ينقذ العالم” متجاهلة التطرق إلى ما يمكن أن تتخذه الحكومات الغربية عموما والبريطانية خصوصا من إجراءات تمنع المواطنين الغربيين من التوجه إلى المنطقة والالتحاق في صفوف التنظيمات الإرهابية.
من جانبه يشير الخبير في الفكر الإرهابي لدى معهد رويا ل يونايتد سورفيسز انستيتيوت للأبحاث في لندن أفضل أشرف إلى أن عددا كبيرا من الغربيين المنتمين للتنظيمات الإرهابية هم “من المجرمين واللصوص الذين أصبحوا متشددين في السجن” زاعما وخلافا لحقيقة ما يعرض من مقاطع فيديو أن هؤلاء الإرهابيين عندما يلتحقون بصفوف تنظيم كداعش “تعهد إليهم الأدوار الثانوية كالانتحاريين أو الحراس لأن التنظيم لا يثق بهم فهم لا يتكلمون العربية”.
فيما أكد الباحث في المركز الدولي للدراسات حول التشدد في كينغز كوليدج في لندن شيراز ماهر أن البريطانيين الذين قرروا الانخراط في صفوف المتطرفين لديهم فكرة واحدة هي “أن يكونوا في الخطوط الأمامية لأي نزاع وليس أن يكون لديهم دور ثانوي”.
وتتعمد العديد من وسائل الإعلام الغربية التغطية على حكومات بلادها التي تسهل وصول الإرهابيين إلى المنطقة شريطة عدم عودتهم إليها وتكتفي بما تورده من أخبار حول “إنجازات” الإرهابيين في المنطقة وأسماء قتلاهم خلال مشاركتهم في العمليات الإجرامية والإرهابية في المنطقة حيث أوردت مؤخرا اسم الموظف البريطاني السابق في متاجر برايمارك للملابس والبالغ من العمر 25 عاما والمدعو محمد حميد الرحمن والذي قتل أثناء قتاله في صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي.
كما تشير تقديرات بريطانية إلى توجه “ما بين 400 و500 بريطاني إلى سورية والعراق” منذ نحو عامين للقتال في صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي في الوقت الذي يتعاظم فيه الخوف لدى البريطانيين وحكومتهم من مخاطر ارتكاب أعمال إرهابية على الأراضي البريطانية على غرار حادثة قتل الجندي البريطاني “لي ريغبي” بوحشية في وضح النهار في احد شوارع لندن على يد بريطانيين اثنين من أصول نيجيرية وقيام إرهابي بريطاني آخر يدعى “عبد الماجد عبد الباري” ويتحدر من غرب لندن بنشر صورة له مع رأس مقطوعة معلقا عليها بالقول “لحظة استراحة مع صديقي أو ما بقي منه”.
وفي تصرف خجول منها يوحي بالتردد وعدم الرغبة باتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة الإرهاب كانت الشرطة البريطانية أوقفت هذا العام 69 بريطانيا تشتبه بأنهم توجهوا للقتال في سورية وفقا لأرقام نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي مقابل 24 بريطانيا كانت أوقفتهم العام الماضي.
وعلى الرغم من مقاطع الفيديو المروعة والمشينة والمخالفة لأبسط حقوق الإنسان والتي ينشرها الإرهابيون بكثرة على شبكة الانترنت إلا أن الحكومات الغربية وعلى رأسها البريطانية والأمريكية تواصل تجاهل ضرورة التعاون مع حكومات ودول المنطقة في محاربة الإرهاب الذي كان الغرب سببا أساسيا في نشوئه وتمدده حتى بات يطال داعميه ومموليه على حد سواء مكتفية بسن قوانين تمنع عودتهم إلى دولهم ظنا منها أنها بذلك تحمي نفسها من المارد الذي صنعته وغذته واعتنت به.

انظر ايضاً

المقاومة اللبنانية تستهدف بالأسلحة المناسبة التجهيزات ‏التجسسية للعدو الإسرائيلي في موقع /مسكفعام/ شمال فلسطين المحتلة وتحقق إصابة مباشرة