أخطاء الشعوب

يبرز غالباً في الطرح السياسي والإعلامي العلني حديث عن مسؤوليات ونوعيات الحكام ولكن لا يتم الحديث عن نوعيات الشعوب..!.

عندما ترتكز خطاباتنا وندواتنا وتصريحاتنا على دولة استعمارية كـ«الولايات المتحدة الأميركية» على سبيل المثال فإنّه يتم توجيه الانتقاد فيما يخص اللعبة العدوانية التي تلعبها أميركا إلى الحكومة الأميركية والمسؤولين والبيت الأبيض والمخابرات الأميركية، في حين الشعب الأميركي لا يُنتقد تجاه أي مسؤولية في هذا الجانب!.

في أنموذج جورج بوش الذي غزا أفغانستان والعراق و«استند» في غزوه للعراق إلى قاعدة يمكن تصنيفها كـ«فلتة» تاريخية بـ«أنّ الله أوحى له بالغزو»، و«تفوّق» بذلك على تنظيم «القاعدة» الذي أوكل لنفسه وباسم الله والدين مهمة تكفير الآخرين وإعطائهم مفاتيح الجنة والحق في الحياة من عدمه، فإنّ الشعب الأميركي «الحنون!» تكفّل بتأمين ولايتين رئاسيتين لبوش!.

ألا يلام الشعب الأميركي مهما انتخب صنّاع حروب ساخنة أو باردة، ومهما سفكت المؤسسات الأميركية وتاجرت بدماء باقي البشر؟!

لا يمكن فهم الدولة العدوة أو الصديقة إذا لم يتم التعمّق في فهم مواصفات شعبها، فهل يتم الخوض في مواصفات الشعب الأميركي «كيف نشأ وقيمه وثقافته وقناعاته..؟» بدلاً من الخوض في مواصفات الإدارة الأميركية؟!

إنّه أمر للنقاش ولو تعمّقنا به ربما نحصل على فهم أي إدارة أميركية قادمة ونحصّن أنفسنا من المفاجآت الأميركية.

في تركيا مثلاً كيف تزداد فضائح أردوغان بفساد مالي وسياسي وبالأخطاء السياسية الجسيمة ومع ذلك توجد قاعدة شعبية ما متصالحة مع خلله، فهل مواصفات «القاعدة» تختلف عن مواصفاته؟!.

في السعودية يصدّر آل سعود أردأ القيم السياسية، فتظهر في النقاش من دون تظهير البيئة الثقافية والسياسية والاجتماعية للشعب الذي جعل مملكته المصدر الرئيس لفتاوى تسوّغ للسعودية والفاشلين في شعوب أخرى وضع خطط بشرية لـ«اغتصاب» حوريات الجنة؟!.

قبل فهم إمكانات آل سعود في استثمار الفتاوى السوداء بما ينافس استثمارات نفطهم الأسود يجب الخوض في قاع المجتمع السعودي.

لماذا مواصفات الشعوب تتم مقاربتها بشيء من الهيبة والقداسة؟! لا بد من البحث الذاتي والجمعي في فهم شعوب الدول التي تتآمر على سورية ومواصفاتها وقيمها لمعرفة مشكلتنا مع من؟ مع أنظمة وملوك ورؤساء أم مع قيم شعبية حاملة ورافعة لمن يتآمر علينا؟!.

إنّه أمر معروف بحساسيته، لكنّه للنقاش بغية أن نفهم الأعداء والأصدقاء والمؤامرات.

بقلم: ظافر أحمد