الروائي والطبيب نصر مشعل يداوي بقلمه آلام المجتمع العربي

حمص-سانا

روائي يداوي بقلمه آلام المجتمع العربي المعاصر.. وطبيب يداوي بمبضعه اوجاع كل من قصد عيادته.. ورسام يبدد بريشته احزان النفوس وشرورها انه الروائي والقاص والفنان التشكيلي الدكتور نصر مشعل الذي نجح في ان يحمل مشعل النصر في كل عمل فني أبدع في انتاجه.

يتميز مشعل بأنه يعتمد في رواياته وقصصه القصيرة على اسلوب الدعابة والسخرية محاكياً طريقة الروائي الراحل محمد الماغوط فهو يسرد الحوار باسلوب يجذب القارىء لتنتهي في نهاية المطاف الى خلاصة فيها زبدة ما يجول في نفسه وكأنه يدق على وتر اوجاعه ومتنفسه الذي لطالما عجز عن البوح به.

ولكن ثمة تناقض نستشفه في اعمال مشعل فبينما تتشح اعماله بالرداء السوداوي المتشائم ينقلب فجأة الى نوع من الفكاهة والظرافة التي تلهينا عن تلك السوداوية القاتمة فتبتهج نفوسنا فاتحة جناحيها للامل بخجل.

تغرقنا التفاصيل في رواياته /هذيان في ذاكرة الذاكرة /و / التفاحة الرابعة والنصف بعد منتصف العمر / و/شتاء العرمط/ في خضم الاحداث المعاصرة فتأسرنا بروعة سرد منطقي ملم بكل شاردة وواردة وكأننا نشاهد فيلما سينمائياً حياً بكل مشاهده حتى ترانا ننفعل مع احداثه وكأنه حقيقي متناسين بانه رواية مكتوبة على الورق.

ويمتلك /مشعل /لغة جريئة تكسر المألوف وتعبر عما يختلج في مكنونات النفس البشرية من مشاعر واحاسيس قد لا يتجرأ الكثيرون على البوح بها وتمتزج عنده المصطلحات الادبية بالمصطلحات الطبية فهو متأثر بشكل او باخر بمهنته التي يتقنها مثلما يتقن الصنعة الادبية.
يرى مشعل أن الرواية هي الرسم بالالوان الزيتية لانك ان اخطأت في الرسم فيمكنك ان تتابع على القماشة ذاتها والقصة القصيرة هي الرسم بالالوان المائية لانه اذا أخطأ الرسام فيها فيمكنه ان يغير اللوحة كلها واصفا القصة القصيرة بانها الفجر والرواية هي النهار اما القصة القصيرة جداً فهي اللمع الخاطف.

أما فيما يخص الموضوع والبناء وايهما اهم فيوضح /مشعل / انه يمكن للكاتب ان يبني رواية في اطار موضوع بسيط وقد يفشل اخر في بناء رواية مع ان موضوعها راق وجميل فالامر يتعلق بالبناء او الكاتب فرب بناء قد يشيد بيتاً جميلاً من لبنات طينية وقد يفشل اخر في بناء رواية من لبنات ذهنية.

ويصف موضوع الكتابة بانه من اصعب انواع الفنون لان الادب هو رفاهية المجتمع اما الرواية فهي رفاهية الادب وفي جميع انواع الفنون يمكن ان يتعلمها الانسان كالرسم والعزف والنحت والرقص أي ان جميع الفنون تشبه استنبات الخضراوات اما الكتابة فلا يمكن لاحد ان يعلمك الكتابة لان ولادة كاتب مجهولة الاسباب وغامضة تشبه الكمأ في البادية حين ينفجر فجأة تحت ظروف غامضة.

نالت اعمال مشعل اعجاب كثير من الكتاب والنقاد وهو ما يعبر عنه الكاتب /عيسى اسماعيل /في كتابه اعلام القصة والرواية في حمص حيث يقول في كاتبنا ان مشعل اضاف قصصاً جميلة الى حركة القصة القصيرة في حمص وفي سورية من خلال تسليطه الضوء على شخصيات من واقع الحياة لكنها ذكية مستخدماً لذلك العبارات العامية ليوظفها بشكل يعطي المتعة والفكرة الى القصص وان كانت طويلة بعض الشيء وتحتاج الى قارىء صبور يتابع المجريات الدقيقة لكل قصة.

ومن قصصه القصيرة جداً التي لم تنشر بعد قصة بعنوان /سرطان / وفيها يقول.. / فتح بطني ليستأصل ورماً خبيثاً شخصه لي اطباء الوطن ..ولكنه فوجىء ان جوفي فارغ ..سألني اين قلبك … فقلت .. اخذته حبيبتي ..ثم سألني واين كبدك … قلت ..اطعمته لأطفالي .. وعاد يسألني وانا اجيب .. واين كليتاك .. بعتهما يا سيدي لأعيش ..واين دمك … استخدمته كمداد لكتابة اشعاري.. واين شرايينك… رسمت بها لوحاتي يا سيدي.

ومشعل طبيب بشري خريج جامعة تشرين عام /1992/بدأ بالكتابة منذ ربع قرن وحاز عددا من الجوائز المحلية والعربية ومنها جائزة حنا مينة عن روايته شتاء العرمط وجائزة المزرعة عن روايته هذيان في ذاكرة الذاكرة كما حاز على جائزة الشارقة عن رواية /نيرفانا /وكتب مسلسلاً اذاعياً لاذاعة زنوبيا السورية بعنوان /كركوز وعيواظ/ وهو مسلسل كوميدي اجتماعي.

حنان سويد