قصائد وطنية وإنسانية لكوكبة من الشعراء في ثقافي “السيدة زينب”

دمشق-سانا

أقام ملتقى مخيم الشهداء الثقافي الفلسطيني في السيدة زينب بالتعاون مع المركز الثقافي فيها مهرجانا شعريا شارك فيه عدد من الشعراء الذين تنوعت مشاركاتهم بين الوطني والإنساني واختلفت بين نثر وتفعيلة وشطرين.

وألقى الشاعر “عبد العظيم جحجاح” قصيدة بعنوان “إلى أمي كفريا” عبر فيها عن معاناة أهالي قريته كفريا التي يحاصرها الإرهابيون التكفيريون ويحاولون أن ينالوا منها وجمع أسلوبه بين الأصالة والمعاصرة تقوده العاطفة الحزينة إلى تأملات واسعة بالنصر وكسر المعتدين مستخدما البحر الخليلي وحرف القاف كروي ملائم لقصيدة جاءت من البحر البسيط فقال ..

“وهبتك القلب محزونا وخفاقا .. والنار تمعن في الأضلاع إحراقا .. أوتار حنجرتي بح النداء بها .. فحار فيها الهوى عطفا وإشفاقا .. أنام والشوق يدميني ويؤنسني .. والجفن يأبى على الأحداق إطباقا .. صبرا كفريا وعهدي فيك زاحفة ..إلى المحبة أنساقا فأنساقا … سورية الروح تستدعي مروءتنا .. يأتي الكريم إلى الغفران سباقا”.4

في حين تميزت قصيدة “تفاحة النور” للشاعر “محمد معتوق” بكثافة الصور وانتقاء الألفاظ الفنية التي شكلت لوحة تشكيلية في ظل شعر التفعيلة وأنغامه المتناسقة باستخدام حذر للحروف والدلالات المؤدية إلى نص شعري جميل فقال ..”جلس الصباح على الأريكة .. باسطا ظل اليمام.. على مناديل السماء… نادى لعشب لن يموت على الرصيف.. وفي الأزقة .. لو توارى الغيم في أخدود ماء”.

أما الشاعر “حسن الراعي” فرأى أن الشعر يستوعب كل المعاني السامية ويعبر عن كل الرؤى الإنسانية الحالمة المؤدية إلى السمو والرقي وانه اللغة الأرقى التي يستخدمها الإنسان في تعبيره عن المحسوسات فقال في قصيدته “هو الشعر” … “لي سدرة الأحلام أن نضوجها ..أمضي ويتبعني الهوى والدهر… لي فرحة الأطفال تلهو بالندى .. في فسحة لما يطأها الغدر.. وبنات أفكار توهج عريها .. عذرية لم يغتصبها الأسر”.

وقرأ الشاعر “صالح حاج صالح” قصيدة بعنوان “حبيبة القلب” رأى فيها أن الشام هي الحب الأكبر وهي أجمل مدائن العالم وأكثرها حضورا وهي التي تستحق الشعر والتأمل والعواطف فأراد أن يصوغ ذلك شعرا فقال.. “حبيبة القلب ما للشر يزدحم .. وفي ترابك نور الله يبتسم .. حبيبة القلب ما أحلاك في شغف .. ودون قلبك مات العرب والعجم … والشام مدرسة الدنيا بأكملها .. والشام أحلى صبايا الكون كلهم”.

وقدم الشاعر “حسام القداح” مجموعة من النصوص الشعرية التي تميزت بالعاطفة الجامحة وبالعفوية والبساطة ولا سيما انها تخص الوطن الذي أراد له أن يكون أهم بلدان العالم.2

وكانت قصيدة الطفلة “فينوس الحسن” متطورة الأسلوب فعبرت فيها عن كرهها للذين أدخلوا الغرباء إلى سورية وأمعنوا فيها قتلا وتدميرا بإحساس بريء كتبته بشكل نثري يرقى إلى مستوى الفن والشعر فقالت.. “لن أسامحك يا من ادخلت الغريب إلى بيتي …ليسرق لعبتي .. ويبعثر صوري وكتبي .. ويغتال ذكرياتي .. في كل زاوية وركن”.

وختمت الشاعرة “عدن خير بيك” بمجموعة من القصائد الشعرية الرقيقة التي سمت الفاظها النثرية إلى لوحات رسمت فيها كثيرا من القضايا الإنسانية والوطنية معبرة عن أهمية الوحدة الوطنية والتآخي والحضور الإنساني والوفاء وقالت في قصيدتها “الشام” … “ياشام أنت في زمن الردى .. قطر ندى .. وعناقيد عطر وشذى .. أنت يا شام اغنيتي .. أنت رجع صدى .. حنيني إليك عبادتي .. أنت الهدى”.3

وقال الناقد “أحمد نصار” إن الشاعرة “عدنة خير بيك” جاءت بتراكيب الصورة التي تحمل الدفء في المفردة وحالة شعورية ذات حس مرهف يحمل تجربة ومضات تتدفق نحو القلب وإن التنسيق على مستوى التعبير كان واضحا وكانت المكاشفة الحوارية على مستوى حب الوطن مباشرة دون مواربة فأحسنت تلك المكاشفة هندسة ورصعت مفردات عشقها الفريد ليكون مضمون المحبة متماسكا مع الشكل الفني بثقافة واعية تصل إلى حب سورية.

وأشار “ياسر يوسف محمد” رئيس المركز الثقافي في “السيدة زينب” إلى أهمية هذا الملتقى لأنه يستقطب عددا من الشعراء والكتاب الحقيقيين الذين يعتبرون كرواد على مستوى الشعر سواء كان في سورية أو الوطن العربي إضافة إلى الحضور الشعبي الذي يتزايد برغم الأزمة دالا على التحدي الكبير للمؤامرة وللإرهاب ولكل من يهدد سورية ويحاول تفتيت شخصيتها.

يعتبر هذا المهرجان الذي ضم كوكبة من الشعراء والشاعرات في طليعة الأنشطة الثقافية لعام 2015 نظرا للمستوى الفني الملموس في كل ما قدمه المشاركون ونظرا للحضور الذي يبشر بأن الشعب السوري لا يمكن أن يتقهقر رغم كل الجراح.

محمد خالد الخضر