الشريط الإخباري

الغرب يتاجر بأزمة اللجوء السوري.. يسوق المعاناة ويتجاهل أسبابها

دمشق-سانا

أعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير اليوم أن أزمة الهجرة إلى أوروبا “قد تكون اكبر تحد في تاريخ الاتحاد الأوروبي” داعيا إلى التضامن الأوروبي لمواجهتها.

جاء التصريح بعد أن التقى شتاينماير نظراءه في بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا وتشيكيا ولم ينجح باقناعهم بالقبول بحصص الزامية لاستقبال اللاجئين.

وبعد التصريحات المتفائلة للمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل بأن “تدفق اللاجئين سيغير ألمانيا إيجابيا” كثرت التعليقات والمداخلات التي تحذر من تعامل الأوروبيين من أزمة اللاجئين وخاصة السوريين من منظور براغماتي رأسمالي يسعى للاستثمار في المعاناة الإنسانية الأشد في القرن الحادي والعشرين.

وهنا يحذر متابعون لمسار الأحداث في سورية من أن أزمة تدفق المهاجرين السوريين إلى ما وراء الضفة الشمالية للمتوسط أدخلت الأزمة السورية عموما في متاهة جديدة تبعدها عن نهايتها وتترك الباب واسعا لمزيد من المتاجرة بالام السوريين ومعاناتهم.

ومع تزايد أعداد المهاجرين الذين يعبرون إلى أوروبا عبر طرق مختلفة”اليونان وإيطاليا” ظهرت طبقة سياسية وأخرى إعلامية تحاول تظهير الحال في سورية على أنه أزمة إنسانية نابعة عن حرب داخلية أو كما يسميها البعض “حربا أهلية” مع ان العالم كله بات يدرك أن ما يجري في سورية هو حرب ضروس بين الدولة السورية والإرهاب المدعوم من قوى إقليمية ودولية.

وتقود ألمانيا اليوم حراكا أوروبيا نشطا للتعامل مع موجات المهاجرين على أنها أزمة انسانية لا بد من التعاطي معها ومع أن هذا ليس أمرا سيئا إلا أن الدول الأوروبية تعلم أن التعامل مع النتائج لا يمكن أن يحل المشكلة ولا بد من التعامل مع الأسباب وهنا لا بد من السؤال لماذا يهاجر السوريون تاركين بلدهم.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجاب على السؤال قبل أيام عندما قال “إن على الدول التي ساهمت في تازيم الوضع في سورية وانتشار الإرهاب أن تتحمل نتائج افعالها التي تظهر بموجات المهاجرين”.

القضية واضحة في سورية حرب بين الدولة السورية والإرهاب ومن يعاني من أزمة المهاجرين ما عليه إلا أن يعلن موقفا واضحا ضد الإرهاب ويدعم جهود من يكافحونه بدل التذمر والانشغال بتقديم وجبات سريعة أمام عدسات الكاميرات للمهاجرين.

ومع ظهور أصوات معارضة في الاتحاد الاوروبي وخاصة في دول شرق أوروبا ضد الطروحات الالمانية بخصوص تقاسم أعباء الهجرة بين دول الاتحاد على شكل حصص مقررة يتضح جليا ان معيار حقوق الإنسان ليس أساسا للتعاطي مع ظاهرة الهجرة بل هناك حسابات سياسية وأمنية تؤخذ بعين الاعتبار.

المستغرب في المواقف الغربية هو ما أعلنته بريطانيا التي قالت إنها ستستقبل 20 ألف لاجئ سوري خلال السنوات الخمس القادمة ما يعني أن الحكومة البريطانية تعتقد ان هذه الموجة ستستمر خمس سنوات أخرى وهو تحذير غير معلن يجب اخذه بالحسبان.

أما إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما فقد أعلنت أنها ستستقبل 10 آلاف لاجئ خلال عام 2016 ما يعني أنهم سيكونون بمثابة الورقة الانتخابية الرابحة بيد الحزب الديمقراطي للبقاء في البيت الأبيض.

وبحسب متابعين فانه بدلا من الإعلان عن استقبال مهاجرين بأعداد محدودة على بريطانيا وأمريكا الأجدر بهم رفع العقوبات المفروضة على سورية والتي تحرم السوريين من أبسط مقومات الحياة وتطال الغذاء والدواء وحتى التحويلات البنكية للسوريين التي يرسلونها إلى ذويهم من الخارج لإعانتهم في هذه الظروف القاسية.

ويرى مراقبون أن الغرب لا يشعر بازمة حقيقية جراء اللجوء بل أنه يسعى لاستغلالها أحسن استغلال وإلا لكان تحدث صراحة بأن إنهاء الحرب على سورية سينهي المشكلة وهنا يبدأ التفكير المنطقي حيث أن أي جهد لانهاء الحرب يجب أن يبدأ بالاتحاد ضد ظاهرة الارهاب والتعاون للقضاء على تنظيم “داعش” وأشقائه من التنظيمات التابعة للقاعدة.

والغريب في مواقف بعض الدول التي ترفض استقبال اللاجئين السوريين أن هذه الدول تصدر تحذيرات لمواطنيها بعدم التوجه إلى سورية ما يدل على انها تعلم مدى الخطر والظروف الصعبة التي يمر بها السوريون ولكنها لا تريد أن تتحمل أي جزء من المسؤولية الأخلاقية في هذا الصدد.