الشريط الإخباري

أعمال فنية متميزة في ختام ملتقى أغافيا للنحت على الخشب في اللاذقية

اللاذقية-سانا

أنوثة المرأة وقوة شخصيتها ومعاني تكويناتها وسمت منحوتات الفنانين العشرة الذين شاركوا في ملتقى أغافيا للنحت على الخشب الذي اختتم بمعرض فني متميز برز فيه الجهد المبذول من الفنانين شبابا ومخضرمين للخروج بمنحوتات ترضي تطلعاتهم وتلبي ذوق المتابعين المهتمين بهذا الفن بشكل عام.

2

أعمال فنية معتقة اللون وأخرى اكتفى أصحابها بالحفاظ على لونها الخشبي الطبيعي إيمانا منهم أنه الأقدر على تجسيد التفصيلات الدقيقة لأفكارهم بشكل واقعي مع محاولات للتحايل على الخشب لإعطائه احساس وروح الأنثى الأمر الذي برز في منحوتة الفنان هشام المليح الذي حاول إدخال عناصر من البيئة البحرية المحتضنة للملتقى فجاءت الحصى البحرية التي اختارها بأحجام متنوعة كإضافة ميزت عمله الفني الذي حمل اسم فانتازيا.

السطح الخارجي أخذ حيزا من جهد الفنان المليح فبرزت ملامح الاسم المختار للمنحوتة من خلال لمسات تشبه مرجان البحر أو ضربات نراها على الصخر البحري وقال “حاولت العمل على تفاصيل شعرت أنها تنتمي إلى المكان فأنا ابن اللحظة والحالة التي أعيش فيها وعندما وصلت إلى هنا لم يكن لدي مخطط بذهني عما
سأعمله لكن المكان والإحساس قادني إلى إنجاز الخشب بصيغته الحالية رغم وجود بعض السوس الذي ينخر فيه إلا أنني تعاملت أيضا مع هذا التفصيل وحولته إلى جمالية ترجمتها على شكل فانتازيا لامست الغرابة والخيال والأسطورة فاستغللت العقد الموجودة في الخشب لخدمة المجسم الذي وصل طوله إلى مترين ونصف المتر وظفت فيه جميع المعطيات المتوافرة لدي لخدمة موضوعه بالشكل الأمثل”.

3

انسجام الأفكار مع طبيعة الخشب لخدمة مضمون العمل ككل كان شغل النحاتين الشاغل الذي تطلب منهم وقتا وجهدا كبيرا طوال أيام الملتقى فنرى الفنان ياسر صبيح وقد جسد منحوتة حملت وجهين الأول دمعة حزن والآخر دمعة ألم محاولا تطويع الخشب الذي أصابته تشوهات الطبيعة من رطوبة وعوامل جوية بحيث يصل إلى حالة توازن في العمل النحتي الخاص به من خلال دراسة الفراغ والكتلة وتحديد المسارات لتطوير التشوهات وتقديم أعمال مدروسة تشكل إضافة حقيقية للعمل.

ويرى صبيح أن الخشب مادة حية تعرضت بفعل الطبيعة لحالة مأساوية لذا فهي قادرة على تجسيد الحزن بشكل برز جليا مع تعتيق بعض الجوانب ما أضاف موسيقا اللون على المنحوتة ككل.

أما الفنان أنس قطرميز فقد اعتبر أن موقع انعقاد الملتقى ضمن حديقة المتحف الوطني في اللاذقية فرصة لاستلهام افكار منبثقة عن حالة الهدوء التي عمت المكان فأتت منحوتته كتجريد لجذع أنثوي يتحدث عن شخصية اغافيا ملخصا هدوءها وبساطتها وقوة شخصيتها مع إضافة رمزيات لها علاقة أيضا بالبحر كمكمن للأسرار وفصل في أعلى المنحوتة بين جسد أغافيا الذي ذهب مع زيوس وبين روحها التي بقيت في المدينة وخلصتها من الدمار.

4

كذلك قدم الفنان علي محمد سليمان عملا فنيا اعتمد فيه على الخطوط المنحنية التي تشكل جسد أنثى ترقص على ايقاعات موسيقية واعتمد سليمان على خط الرسم الذي وجده قادرا على التعبير عن الحالات الإنسانية من فرح وحزن وانكسار حيث يقول “بذلت جهدي في العمل “الكتلة والفراغ” ضمن المنحوتة فاحتوت على عدة فراغات داخل الشكل وهو أمر يحتاج جرأة من النحات خوفا من وجود مكامن ضعف في الخشب تخرب العمل ككل لكنني نجحت بفعل الدراسة الدقيقة التي أجريتها على الخشب لاختيار الأماكن المناسبة لتنفيذ هذه الخطوات”.

الفنانون والنقاد التشكيليون أيدوا حماستهم للتجربة حيث أكد عدد كبير منهم أهمية انعقاد مثل هذه الملتقيات في ظل الحرب الإرهابية التي تشن على سورية ما يؤكد عمق الرسالة الحضارية والثقافية التي تحملها سورية.

وأشار الفنان التشكيلي سموقان إلى نجاح عملية تبادل الخبرات التي تحصل في الملتقى الذي تناولت فيه أغلبية الفنانين المرأة كأساس لأعمالهم الفنية لنجد بعضهم قد أعطاها بعدا أسطوريا من خلال إدخال السمكة والحصان وطائر الفينيق إلى جسم المنحوتة وقال “كان من الممكن أن يقدم كل فنان أعمالا أفضل لو كان الخشب مغايرا لخشب الصنوبر الذي يملك الكثير من العيوب لكن هنا ظهرت خبرة الفنانين في التعامل معه وتطويعه بطريقة ناسبت الأفكار المختارة للتنفيذ”.

5

بدوره اعتبر النحات حسن حلبي أنه من الضروري تكرار مثل هذه التظاهرات الفنية لتشمل أكبر عدد ممكن من الفنانين من جميع المحافظات وتكون بحق ظاهرة سورية فريدة ننتظرها كل عام لافتا إلى وجود تفاوت في أعمال الفنانين الأمر الذي يعيده لثقافة الفنان وخبرته الفنية ومشاركاته العملية التي تنعكس بشكل جلي على أعماله النحتية وهذا ما أكده النحات جابر أسعد مبينا أن الأعمال تصنف إلى قسمين برزت فيهما خبرة المخضرمين والشباب لكن كلاهما حاول وضع بصمة فنية خاصة في عمله منوها بجودة عمل الفنان محمد بعجانو وتميز منحوتة الفنان عماد كسحوت اللذين حاولا دمج عناصر من الطبيعة مع جسد المرأة فظهرت توليفة متميزة أبرزت امكاناتهما كفنانين بارزين في ميدان النحت السوري.

يشار إلى أن ملتقى أغافيا للنحت على الخشب أقامته وزارة الثقافة “مديرية الفنون الجميلة بالتعاون مع وزارة السياحة واحتضنته حديقة المتحف الوطني لمدة عشرة أيام وشارك فيه كل من النحاتين عماد الدين كسحوت-محمد بعجانو-مصطفى شخيص-أنس قطرميز-ياسر صبيح-هشام المليح-علي محمد سليمان-ربى كنج-انطون إدلبي-ديما سليمان.

ياسمين كروم-مي قرحالي