الشريط الإخباري

“تاريخ مملكة إبلا وآثارها”.. كتاب يوثق لقصة مملكة من ممالك الشرق القديم في سورية

دمشق-سانا

يبدأ الدكتور عيد مرعي مقدمة كتابه “تاريخ مملكة إبلا وآثارها” بالإشارة إلى تاريخ سورية القديم الغني والمتنوع وظهور العديد من المدن والممالك منذ بدايات الألف الثالثة قبل الميلاد ومن أبرزها مدينة إبلا التي شكلت عاصمة لمملكة شملت بنفوذها جميع مناطق شمال سورية وامتدت علاقاتها لتصل إلى كل المناطق المجاورة لها في بلاد الرافدين وهضبة الأناضول ومصر وقبرص.

وقسم الدكتور مرعي كتابه الذي جاء بنحو 200 صفحة من القطع الكبير والصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب مؤخرا إلى ثمانية فصول تحدث في الاول منها عن أهمية تاريخ سورية القديم نظرا لأنها عرفت الاستيطان البشري منذ عصور ما قبل التاريخ فيما قدم في الفصل الثاني عرضا تفصيليا عن موقع ابلا وقصة اكتشافه الذي يقع في تل مرديخ الحالي ضمن منطقة سهلية بالقرب من بلدة سراقب في محافظة ادلب وانطلاق أولى مواسم التنقيب فيه عام 1964.

ويبين الكاتب ان نقطة البداية في اكتشاف ابلا كانت العثور خلال موسم التنقيب سنة 1968 على جذع تمثال لرجل ملتح نحت من حجر الصوان على صدره نقش مؤلف من ستة وعشرين سطرا بالخط المسماري واللغة الاكادية وهو عبارة عن نقش نذري امر بكتابته ابيط ليم احد ملوك ابلا في بداية الالف الثاني قبل الميلاد وعندها تأكد للمنقبين الايطاليين انهم يحفرون في موقع مدينة ابلا التي ظلت لتاريخه معروفة بالاسم فقط عبر ذكرها في العديد من النصوص الرافدية ومع مواصلة التنقيبات عامي 1974 و1975 اكتشفت المحفوظات الملكية في القصر الملكي ومعها بدأ عصر جديد في دراسة تاريخ الشرق القديم عامة وتاريخ سورية القديم خاصة وليظهر فرع جديد ضمن اطار دراسة تاريخ الشرق القديم هو فرع الدراسات الابلوية.

ورصد الباحث من الفصل الثالث بالكتاب حتى الفصل السابع مراحل تاريخ ابلا منذ البدايات الاولى حتى زوالها معتمدا على المحفوظات الملكية الابلوية وعلى الاثار المختلفة المكتشفة في موقع تل مرديخ التي كشفت عنها بعثة التنقيب الاثرية الايطالية من جامعة روما برئاسة البرفيسور باولو ماتييه عبر مواسم تنقيب متتالية ولم تنته بعد من الكشف الكامل عن كل اثار الموقع.

وشرح الكاتب في هذه الفصول الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في ابلا ولغتها التي أطلق عليها اسم اللغة الابلوية والمعتقدات الدينية التي كانت سائدة فيها حيث أظهرت الدراسات الدقيقة للنصوص الابلوية أسماء ما يقارب  100 اله كانوا يشكلون مجمع الالهة الابلوي ومن أهم هذه الالهة نيداكول.

وتحدث مرعي عن عصر ازدهار ابلا الثاني ونهايتها موضحا أن ازدهارها الذي عاشته في الالف الثالث قبل الميلاد توقف بعد أن تعرضت للتدمير نحو  اعوام 2300 / 2250 قبل الميلاد على يد نارام سين اشهر ملوك الامبراطورية الاكادية ثم عاودت ازدهارها من عام 2000 حتى عام 1600 قبل الميلاد حيث ضعفت نتيجة غزوات الحثيين رغم أنه استمر الاستيطان في تل مرديخ حتى منتصف القرن الاول قبل الميلاد.

ويرى الكاتب أن إبلا التي بقيت غافية في أعماق تل مرديخ قرونا طويلة حتى ايقظتها معول منقبي الاثار في سبعينيات القرن الماضي اظهرت للعالم اجمع عظمة الحضارة التي نشأت في سورية منذ آلاف السنين وقبل ان تعرف اوروبا اي مظاهر حضارية مبينا أنه وضع هذا الكتاب لسد النقص في الدراسات عن ابلا المكتوبة باللغة العربية.

يذكر أن الدكتور عيد مرعي أستاذ في قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة دمشق اختصاص تاريخ الشرق القديم ولغاته يحمل دكتوراه فلسفة من جامعة فورتسبورج  بألمانيا وعضو لجنة تاريخ العرب بجامعة دمشق وخبير في موسوعة الاثار السورية من مؤلفاته “تاريخ بلاد الرافدين” و”موجز تاريخ الشرق الأدنى القديم” و”اللسان الاكادي موجز في تاريخ اللغة الاكادية وقواعدها” إضافة إلى عدد من الكتب الجامعية التي تدرس في قسمي التاريخ والآثار في كلية الآداب بجامعة دمشق.

ايناس سفان