الشريط الإخباري

العمارة الكنسية في سورية وتأثيرها على الصعيد العالمي في محاضرة بدار الأسد للثقافة في اللاذقية

اللاذقية-سانا

سلط الدكتور اسبريدون فياض مدرس علم الآثار المسيحية في كلية الفنون الجميلة بجامعة تشرين الضوء على تأثير فن العمارة الكنسية في سورية على الصعيد العالمي وكيف خلق نمطا خاصا به أثر على الفنون الكنسية في كل أنحاء العالم وخاصة في نمط بناء وزخرفة الكنائس وكل ما يمت للعمارة المسيحية بصلة.

وأوضح فياض في محاضرة ألقاها مساء أمس في دار الاسد للثقافة باللاذقية حول العمارة الكنسية في سورية أن هذه العمارة تشمل مختلف المباني المسيحية من مدافن وكنائس واديرة وصوامع رهبان وقال “ولأن سورية بموقعها الاستراتيجي وغنى مواردها كانت عرضة للاحتلالات فقد أثرت الشعوب الوافدة كما تأثرت بما عندنا ولهذا نرى ألوانا مختلفة من الحضارات والثقافات من الاشورية والكلدانية والسومرية والهلينية والرومانية والبيزنطية وما إلى هنالك من حضارات”.

وأضاف أن القاسم المشترك بينها هو”إنصهارها في بوتقة الحضارة السورية” مؤكدا أن سورية كانت موطن الهندسة المعمارية والنشاط الفني فالسوريون بما ابتكروه من عبقرية هندسية أصيلة ورائعة ارتقت بفنون العمارة إلى درجة عالية بلغت قمة الفن وغدت منبع إلهام للشعوب الأخرى من يونان ورومان وأن مئات الاوابد العظيمة التي لا تزال ترصع بلاد الشام من بعلبك إلى تدمر إلى البارة وسمعان العمودي والرصافة والكثير من المدن التاريخية القديمة إنما هي شواهد ومنارات عظيمة على إبداع وازدهار الفن السوري في تلك الفترة من العصر الكلاسيكي.

وأضاف فياض أن كنائس العمارة المسيحية في سورية في تلك الفترة اختلفت عن كنائس العالم المسيحي في أي مكان من العالم فأصالة هذه الكنائس تعود إلى أنها امتازت عن غيرها في غالبية الأسس من شكل المسقط إلى الزخارف والفتحات وغيرها من العناصر المعمارية مما أعطاها طابعا مميزا وأصالة تعبر عن تراث معماري له قاعدة امتدت آلاف السنين وذلك من خلال تطور العمارة الدينية في الشرق عامة وفي سورية بشكل خاص لذلك نرى أن العمارة المسيحية السورية امتازت بمميزات خاصة جعلتها تختلف عن العمارة المسيحية في كثير من مناطق العالم القديم انذاك.

وأشار فياض إلى أن نماذج الكنائس تعددت في سورية من حيث التصميم وأسلوب الإنشاء مما جعلها منهلا أغنى العمارة العالمية بتجارب جديدة وقال إنه بالرغم من بساطة الكنائس السورية وتأثرها بالعمارتين الرومانية والبيزنطية إلا أنها وضعت العناصر المأخوذة عنهما في قالب جديد وشكل جمالي وفني خاص أبرز التقاليد المعمارية العريقة في الشرق وخلق مدرسة معمارية في سورية لها مقومات التجديد والإبداع من مختلف النواحي بدءا من التصميم والزخارف وانتهاء بالفتحات والعناصر المعمارية الأخرى.

ولفت إلى أن سورية غنية بالآثار العمرانية التي تعود إلى عهد المسيحية الأول حيث نجد في منطقة سورية واحدة وهي الهضبة الكلسية الجيرية في الشمال نحو 150 كنيسة ومئات البيوت التي لا تزال قائمة على حالة من الجودة يمكن معها إعادة انشائها.

وتحدث الدكتور فياض عن تاثير الفن المسيحي السوري في الفن الغربي مستشهدا باراء لباحثين غربيين كالباحث الامريكي بتلر الذي اكد أن الفن السوري لعب دورا بارزا في الاجيال المسيحية الاولى في حضارة اوروبا الغربية وفنها وقال فياض إنه لا يمكن تعداد ما اخذه الفن الهندسي الغربي عن الهندسة الكنسية السورية غير ان الشواهد كثيرة فمنها البازيليك الاولى للقديس مارتان في تور بفرنسا وكنيسة القديس بطرس في فيينا بالنمسا وكنيسة كلوني التي تذكر بكنيسة قلب لوزة مشيرا إلى أن الغرب اخذ الطراز البازيليكي كما شاع في سورية والواجهة المتكونة من برجين كما في كنيسة قلب لوزة والطراز المصلب كما في كنيسة مار سمعان والقناطر المعقودة في تكوين الاسقف والسطوح بدلا من الاخشاب كما في كنيسة بيزوس في ويحة وفي مجال الزخرفة اخذ الغربيون الاقراص المستديرة التي يتوسطها صليب.