عناوين تجمع المستقبل

ليس لأن ما يسمى الربيع الديمقراطي امتدت أصابعه التقسيمية التي بشّرت بانتشار سرطان الفوضى والتدمير في دول صامدة، أبت إلا أن تقاوم الدمار.. وإنما لأن أدوات الدمار والخراب غابت عن الوعي في إطار الحضن الإسرائيلي الذي امتلك زمام قيادة هذه الأدوات، وجعلها ألعوبةً يلهو بها، ويحرّكها كيفما يشاء، وأنى يريد، من دون أن ترفّ عينه للإجرام الذي تبنّت هذه الأدوات تصديره، وتمويله، وتسهيل مروره، خدمةً «لأمن إسرائيل» التي تقوم اليوم بأخسّ اعتداءاتها على قطاع غزة، بالتوازي مع ما يجري من محاولات لتقسيم العراق، وما يمارس في سورية من الإرهاب العالمي، والفوضى العارمة المسماة خلاقة التي طالما نسّقت، وخططت لها غرف الـ«سي.آي.إي» المغلقة، بهدف كسر شوكة المقاومة.
فلا الأصوات تُسمع، ولا النداءات، ولا الحقوق، والعالم صمّ أذنيه، فلا يسمع إلا جلجلة السواطير التي سنّوا حوافها، ولا الإعلام المبيع للشركات الصهيونية العالمية والمرتهن لإرادتها وأهدافها بات يعرف شرفاً للمهنة التي نسي دورها في إبراز الحقيقة وصنعها وتصديرها للعالم.
فالتظاهرة الحاشدة أول من أمس أمام مقر قناة الـ«بي.بي.سي» في لندن، صرخت بملء حناجرها منددةً بتغطية القناة الكاذبة لما يجري في غزة لإظهار الطرف الإسرائيلي بمظهر المغلوب على أمره، وهو يقوم بعدوانه الهمجي عليها، من دون أخذ الجانب الفلسطيني في الحسبان أو الالتفات إليه، وإلى ما آل إليه حال أهل غزة تحت ركام الدم والدمار، بأسلوب تضليلي مزيف مادمنا شهدنا صوره الكاذبة في سورية التي تشهد إرهاباً لم يرَ له التاريخ مثيلاً.
اليوم في العناوين التي جمعت الحاضر والمستقبل، ثمة ما يؤكد في خطاب قَسَم أسرج للتاريخ الحديث نوره، أمران: الأول: ما يجسده الدور السوري في تصديه لأشرس هجمة استعمارية تكفيرية همجية على جغرافية وتاريخ ومقدرات هذه المنطقة البشرية والحجرية، نيابةً عن العالم، ودحره الإرهاب العالمي الذي صدّرته القوى الظلامية تحت شعار «الديمقراطية…!!» إلى سورية والمنطقة.
والثاني: الإرهاب الإسرائيلي في غزة، الذي يقوم بالدور نفسه الذي يقوم به الإرهاب في سورية بغية تذويب الهدف الأوحد ألا وهو القضية الفلسطينية مع كل الأموال التي دفعتها الأدوات المستأجرة منذ نشأتها من أجل تنفيذ هذا الهدف.
ولأن الدول التابعة بعد أدائها أدوارها على أكمل وجه عبر محاولاتها تحطيم المقاومة كلفت مهمة تمويل الفوضى تحت عنوان «الربيع العربي»، فكان الإرهاب الإسرائيلي، وكان الإرهاب القادم من ثلاث وثمانين جنسية في سورية، حيث تعددت الأساليب، لكن الهدف بقي واحداً، والسيد أوحد.
القائد، أعلنها، وهو يتوجّه إلى كلّ السوريين الشرفاء في خطاب قسمه:
«التحديات كبيرة، والمهام جسام، ونجاحنا في مواجهة الصعاب وثقتنا بأنفسنا لا يعنيان التراخي والركون.. المرحلة الجديدة بدأت، ونحن مستعدون لها.. فسورية تستحق منّا كل الجهد والعرق والعمل.. ونحن لن نبخل عليها بشيء.. كما لم يبخل أبطالنا بدمائهم وأرواحهم.. وأنا سأبقى الشخص الذي ينتمي إليكم.. يعيش بينكم.. يستدلّ برأيكم، ويستنير بوعيكم.. ومعكم يداً بيد ستبقى سورية شامخةً قويةً صامدة عصية على الغرباء.. وسنبقى -نحن السوريين- حصناً منيعاً لها ولكرامتها..».
بقلم: رغداء مارديني