عودوا إلى دمشق-الوطن العمانية

ما أصعب معاداة العاصمة الحنونة اللطيفة المحبة دمشق، وهي في الوقت نفسه تملك لعنة لا ترحم عدوا. بمقاييس من عادى، فقد تغير وتبدل عديدون، ومنهم من توفي على حقد وضغينة، فيما بقي القائد السوري بشار الأسد على رأس وطنه، وبقي شعبه على تحفة آماله. اما من قطع علاقاته من الدول مع العاصمة السورية، بناء على طلب عربي أو بضغط منه، أو توصية من غربي، فقد اخطأ العنوان، مثلما هو حال تونس، التي حركتها غرائز جبهة “النهضة” الإخوانية رغم ان رأسها الغنوشي عاش في كنف الود لسورية يوم كان ممنوعا من دخول بلاده.

ها هي تونس تعيد العلاقة مع الأحب إليها دمشق التي لا تتقن فرط العلاقات مع الغرباء فكيف مع الأقربين، مع الذين يعيش في قلبها حبهم. فلم تكن تونس يوما مثلما كانت عليه حالها ابان حكم “الاخوان”، ولسوف ينكرهم شعبهم ذات اصيل لأنهم لم يكونوا أوفياء للأمة الوفية الممثلة بسورية.

لكن الجميع سيعودون إلى عاصمة الأمويين منحني الرؤوس خجلا مما ارتكبوه من فعل مخز .. فهذا هو امين عام جامعة الدول العربية يتوسل العودة، ومن جهتي ارفضها، وارجو من القيادة السورية ان لا يلعب حنانها وودها دورا في جواب ايجابي إليه.

لا ترمى دمشق بحصوة، فكيف حين استلوا السيوف عليها، منهم من شهرها ومنهم من مارس الطعن، ولا اذكر انها قالت لهم كلاما مؤذيا سوى انها كررت كلمة كفى لكنهم لم يسمعوا، ظنوا ان شهورا ويحصل التغيير الذي يريدونه في سورية العروبة، فإذا بالسنوات تتالى وهم على غيهم ماضون، لكنها لم تسقط ولن تسقط، تلك العاصمة الأبية التي كحل عينها جمال عبد الناصر، واعطاها من انفاسه حافظ الأسد، وزرع فيها بشار الأسد تقاليد البطولة.

عودوا الى دمشق كي تعودوا عربا نذكركم في التواريخ المنقولة الى اجيالنا، ومن شاء من الغرب فليحفر تاريخا جديدا من الصداقة، فلدمشق خصوصية من هذا القبيل شكلت مغزى ارتباطها بالعالم.

لم تعاد دمشق عاصمة ولا فردا، كل قوانين الاخوة نفذتها بجدارة حبها العربي، وسمو فهمها للعالم ككل. والذين اغلقوا سفاراتهم ذات يوم، يشعرون اليوم بخيبة امل، لكنها الآوامر التي أمرت، ومن العار على دولة تحترم نفسها ان تفعل بأمر من آخر وتتراجع بأمر ايضا .. وتبا لعاصمة لا تملك حرية وارادة ذاتية.

تغير زمان دمشق لمن ما زال على رهانه الخاسر .. هنالك قلة بصيرة في فهم عذابها .. اعرف ما يجري تحت سقف الخفاء والأسرار من الذين يطلبون سماحها على الاقل .. لكنها العاصمة التي لن تسامح ولن تنسى دماء ابنائها وخراب مدنها واريافها، والضغوط القاسية التي مورست عليها من اجل اخضاعها. ان اية دولة من تلك الدول التي مارست ذاك الفعل ما كان لها ان تصمد لو تعرضت مثلما تعرضت اليه قلب العروبة.

الذاكرة الوطنية والقومية مفتوحة عند اهل سورية، تكرارا لن يغفروا، ومع ذلك تبقى العودة إلى دمشق محاولة لغسل تاريخ كل من اعتدى عليها، لأنها تعلم ان حسابهم آت آت آت وان خلاياهم ستحاكمهم.

بقلم: زهير ماجد

انظر ايضاً

الوطن العمانية: عودة سورية إلى الجامعة العربية تعيد الدور العربي لمكانته الصحيحة

مسقط-سانا أكدت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم أن العودة السورية إلى الجامعة العربية تمثل …