فلم سيئ الإخراج والسيناريو-صحيفة البعث

في باريس اجتمع رعاةُ الإرهاب وصانعوه ممن لهم تاريخ طويل في دعم التطرف الإسلامي “الجهاد الجوال” من مدارس طالبان في باكستان الى القاعدة في أفغانستان وصولاً إلى داعش لمراجعة استراتيجية التحالف الهوليودي لمحاربة “داعش”، وسبب الإخفاقات التي جعلت التنظيم الارهابي يتمدد، وإذ بهم يخرجون بفيلم جديد سيئ الإخراج والسيناريو، حيث عاد هولاند وفابيوس وكيري لاجترار اسطوانة ريائهم، التي ملّ العالم سماعَها، ويحمّلون مسؤولية تمدد الإرهاب إلى سورية والعراق، اللتين كبدتا داعش خسائر أضعاف ما حققته ضربات التحالف الاستعراضي.

ورغم أن محاربة الإرهاب لا تحتاج إلى اجتماعات، كالتي جرت في باريس، وهي باتت واضحة لكل ذي عقل وبصيرة، وتتمثل في وقف تدفق الإرهابيين عبر تركيا والأردن، ومنع مصادر تمويلهم عبر تنفيذ قرارات مجلس الأمن 2170 و2178 و2199 والتي تنصّ بمجملها على منع تسلل وتسليح الإرهابيين وعدم شراء النفط المسروق والآثار منهم، لكنها بقيت حبيسة أدراج الأمم المتحدة، ولم يتكلف المجتمعون في باريس عناء التنويه لها، كما استبعدت عن حضور الاجتماع الدولُ التي تعاني من آفة الإرهاب، أو التي بات على حدودها، كسورية وإيران وروسيا، بعبارة أخرى ما جرى في باريس استخفاف بالعقول، ومحاولة لإلصاق تهمة تفشّي الإرهاب بالدول التي تحاربه، من خلال تصوير المشهد على أنه أزمة سياسية، وهي كذبة وقحة لم تعد تنطلي على أحد.

من هنا يمكن القول: إن كان للاجتماع من فائدة فهو بيّن للقاصي والداني ومن لا يفقه “ألف- باء السياسة” أن هؤلاء أكدوا مجدداً عدم جديتهم في القضاء على الإرهاب، بل إن النية لم تتوفر لديهم في الحد من انتشاره، طالما وجدوا في داعش دجاجة تبيض ذهباً، ومن خلال الاستثمار فيه جنت شركات الأسلحة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا مليارات الدولارات من الخليج، والذي بعد أن كانت فائض أرصدته المكدّسة في البنوك الأمريكية يمكن أن تحقق تنمية للأمة العربية، وتجعل شعوبنا تعيش في رخاء، لو توافرت النيّة الصادقة لذلك، إلا أنه كان لآل سعود وآل ثاني رأي آخر، ووجدوا أن يمنحوا هذه الأموال ويستدينوا فوقها كرمى لعيون الكيان الصهيوني، والنتيجة قتل الشعب العربي في سورية والعراق واليمن وليبيا، وتدمير ما بنوه خلال عقود من الزمن، ونسف إرثهم الحضاري والإنساني، مقابل سد عجوزات الغرب وتخليصه من كل المنحرفين أخلاقياً عبر زجهم في القتال إلى جانب التنظيمات التكفيرية، إذ أكدت تقارير أوروبية أن عدد الأوروبيين المنضمين إلى داعش تزايد سبعة أضعاف خلال الفترة الأخيرة.

وبالتالي، يحاول التحالف الاستعماري الغربي الرجعي العربي إبقاء الوضع في المنطقة على ما هو عليه الآن، واستنزاف ثرواتها المالية والبشرية وإضعاف جيوشها وحماية العروش في الخليج من رياح التغيير، من خلال دعم الإرهاب الجوال بالمال والسلاح لإبقاء النار مشتعلة، بل والنفخ فيها لتوسيع رقعتها، وهو ما يفضي إلى تزايد الطلب على السلاح، وهذا ما يريده الغرب بالضبط لمستقبل الأمة العربية.

وعليه فإن معادلة العلاج تقول علينا تشخيص الداء قبل وصف الدواء، وحقيقة المرض، الذي أنهك كاهلنا وسبّب بلاء شعوبنا يتمثل بأمريكا والكيان الصهيوني وحكام الخليج الذين مارسوا بحقنا أبشع أنواع التدخل السافر الذي لايخدم إلا مصالحهم وأمن الكيان الصهيوني، الرابح الأكبر من مجمل مايجري، فمكافحة الإرهاب تحتاج إلى رجولة وشجاعة ومواجهة برية وليس كلاماً وجبناً من الجو وقد اتضح بعد قيام التحالف بضرباته توسع داعش 3 أضعاف وبالتالي فإن أولى خطوات القضاء على الإرهاب هو أن تخرج قوى التحالف الغربي من الأرض العربية، أما أنظمة البترودولار فقد بدأت نهايتها، عندما ورّطتهم أمريكا في العدوان على اليمن، وجاءت نتيجته على عكس ما يشتهون، فالجيش اليمني ومقاتلو القبائل دخلوا الأرض السعودية، ولن يخرجوا منها إلا بعدما يقلموا أظافر آل سعود كمقدمة لاجتثاثهم من قبل شعوبهم التي ضاقت ذرعاً بممارساتهم القائمة على معادلة السيد والعبد..

وفي النهاية ستكون كلمة الفصل لشعوب وجيوش الدول التي اكتوت بنار الإرهاب كي ترد الكيد إلى نحور المعتدين.

عماد سالم

انظر ايضاً

لا قفز فوق الأولويات

لن نبالغ في التفاؤل تجاه ما تمخّض عن زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق، …