الفاقد الكهربائي خسارة لا مبرر لها ودعوات إلى ربط الحلول بآراء أكاديمية

دمشق-سانا

رغم الإجراءات الكثيرة التي تتخذها وزارة الكهرباء والشركات التابعة لها في المحافظات لتخفيض نسبة الفاقد بدءاً من استبدال عدادات الكهرباء القديمة بجديدة وانتهاء بمحاولات قمع المخالفات المتكررة يبقى الفاقد الكهربائي المشكلة التي تقض مضاجع المسؤولين فيها.

ويعرف الاكاديميون الفاقد في الطاقة الكهربائية بأنه الفرق بين الطاقة الكهربائية المرسلة من محطات التوليد الكهربائية والطاقة المستهلكة فعلا من قبل المستهلكين وينقسم إلى الفاقد الفني الناجم عن عمليات نقل وتوزيع الطاقة والفاقد التجاري أي الطاقة المولدة والمستهلكة فعليا لكن عدادات الطاقة لا تراها وبالتالي هي خسارة لا مبرر لها وهو الفرق بين الفاقد الكلي والفاقد الفني.

وفي وقت رفضت فيه وزارة الكهرباء التصريح عن حجم الخسارة التي تتكبدها سنوياً بسبب الفاقد الكهربائي يرى الدكتور علي أحمد محمود أستاذ في كلية الهندسة التقنية بجامعة تشرين أن الفاقد الذي يصرح عنه أحيانا من قبل الجهات المعنية وبشقيه الفني والتجاري “عبارة عن قيمة غير دقيقة فالفاقد الحقيقي أكبر من المعلن وقد يصل إلى ما يزيد على ربع الطاقة المنتجة وأحيانا أكثر بكثير” .

بينما يقول المدير العام للمؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء المهندس مصطفى شيخاني “إن إجراءات الوزارة لحصر الفاقد تتم من خلال حسابه على مستوى الأقسام التابعة للشركة كل قسم على حدة وتركيب عدادات على مصادر تغذية المناطق التي يصعب تأشيرها لحصر الاستهلاك وحصر كل مركز بمشتركيه عن طريق عملية الترميز حسب مراكز التحويل وتركيب عدادات أكس فايف في مراكز التحويل العامة وتركيب عدادات مخارج 20 ك ف العامة بما يساهم في إمكانية حساب الفاقد في كل منطقة وحي وكل مركز تحويل”.

ولكون مشكلة الفاقد الفني مشكلة مزمنة يشير الدكتور محمود إلى “وصول الفاقد في بعض المحافظات إلى حدود 45 بالمئة قبل بداية الأزمة وإلى المحاولات العديدة للتغلب عليها لكنها لم تكن جدية حسب رأيه وكانت بعيدة عن الأسلوب البحثي والعلمي والدليل استمرار الفاقد رغم كل ما أعلن عنه من اهتمام به ومن مؤشرات وجوده يستمر وصول الكهرباء إلى المستهلك بجهد منخفض و كابلات بدرجات حرارة مرتفعة وأسلاك نقل عارية واحتراق المحولات قبل أن تعمل وسائل الحماية.

وبينما يرى مراقبون أن تزايد عدد المباني والشقق السكنية في مناطق المخالفات والسكن العشوائي في الآونة الأخيرة بشكل كبير انعكس سلباً على أداء المنظومة الكهربائية المغذية لهذه المناطق الأمر الذي زاد من حجم الاعطال الكهربائية بشكل كبير وملحوظ وزاد من ساعات التقنين القسري يعتبر الدكتور محمود أن “وزارة الكهرباء فشلت بتركيب أنظمة عدادات لا يستطيع المواطن التلاعب فيها” ولم تحاول الاستفادة من تجارب الآخرين لافتا إلى “غياب التدقيق الجدي على عدادات المؤسسات الحكومية بما فيها عدادات الاستطاعة الردية والفعلية” متسائلا “هل الفاتورة مطابقة للاستهلاك أم تزيد”.

وفي وقت يطالب المواطنون بزيادة الرقابة على سرقة الطاقة الكهربائية وتطبيق المرسوم 26 الخاص بسرقة الطاقة ووضع حد للاستجرار غير المشروع يكشف مدير عام المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء “عن العمل لإصدار قانون جديد لمكافحة الإستجرار غير المشروع أكثر تشدداً على المتلاعبين وتنفيذ حملة واسعة للحد من الظاهرة” .

ويلفت شيخاني الى أن المؤسسة تقوم بتأمين عدادات الكترونية بكميات كبيرة نسبياً وبمواصفات فنية جيدة لاستبدال العدادات القديمة وتركيبها لمعظم كبار المشتركين على التوترات 20 و20/4ر0 كيلوفولط إضافة إلى استبدال نحو مليون ونصف المليون عداد للمشتركين المنزليين في المحافظات و تكثيف حملات الضابطة العدلية في المحافظات وزيادة عدد عناصرها.

وفي الوقت الذي يتلقى فيه قطاع الكهرباء الدعم الحكومي يرى الدكتور محمود أن “هذا الدعم لا يشجع المواطن على الترشيد أو التوفير وان المواطن الذي لا يدفع ثمن استهلاكه من الطاقة لن يكون معنيا بترشيد الطاقة أو التوفير في استهلاكها” مؤكدا أن “المواطن يدفع وسطيا ما بين 10 و 20 بالمئة من القيمة الفعلية للمقدار المستهلك من الطاقة” كما أن الدعم الذي تقدمه الدولة للكهرباء يذهب في قسم لا بأس به ثمنا للسرقات والفاقد الفني .

ومن إجراءات الوزارة المتبعة أيضا لضبط الفاقد كما يقول شيخاني “إحداث مديرية مراقبة الشبكات في الشركات وإعادة هيكلية مديرية المشتركين لتكون معنية بموضوع الاستجرار غير المشروع من خلال مراقبة ومعالجة الاستجرار والتعدي على الشبكة والإشراف على عمل دوائر الاستجرار في الأقسام الكهربائية واستقبال ومعالجة الشكاوى ومتابعة الضبوط المنظمة بحق المخالفين قانونياً ومالياً”.

وتشمل إجراءات الضبط أيضا حسب شيخاني تنظيم تقارير يومية وأسبوعية وشهرية بالبيانات الواردة من جميع المحافظات لضبوط الإستجرار وتقييم عمل الشركات من خلال استمارات تقييم الأداء وإجراء مسح يومي لعدادات كبار المشتركين على كل مخارج 20 كيلو فولط ومراكز التحويل 20/4ر0 كيلو فولط والعدادات الثلاثية والأحادية واستبدال العدادات المعطلة منها وضبط محولات التيار والتوصيلات وتأهيل مداخل الأبنية من خلال تركيب لوحات في كل مدخل بناء لتجميع العدادات وإخراج العدادات في البيوت العربية والمحال التجارية إلى خارج العقار.

وبهدف التخلص من أخطاء بعض المؤشرين يبين شيخاني أن المؤسسة قامت مؤخراً باستخدام التقنيات الحديثة لعمليات التأشير بتطبيق نظام القراءة عن طريق استخدام وحدات قراءة محمولة / اتش اتش يو / والتي تسجل التأشيرة الصحيحة وتاريخها كما تم تكليف عدد من العاملين مهمة مراقبين لعمل المؤشرين حيث يقومون بأخذ قراءات عشوائية بهدف التدقيق والتحليل وتم تطبيقها في معظم المحافظات .

ويتميز نظام القراءة الجديد بإلزام المؤشر بالوصول لعداد المشترك وإدخال تأشيرة العداد الحالية وعرض بيان تاريخ وساعة قراءة التأشير من قبل المؤشر وإمكانية قراءة تأشيرات العدادات الالكترونية مباشرة ودون الحاجة لإدخال التأشيرة من قبل المؤشر وبالتالي من خلال تدقيق تواريخ تأشير عينات من بعض المشتركين تبين أن هناك التزاما بمواعيد اخذ التأشيرة.

ويتوقع شيخاني أن يكون لنظام قراءة العدادات الجديد أثر كبير في انتظام عملية التأشير والحصول على تأشيرات حقيقية وواقعية والانتهاء من أخطاء المؤشرين وتسجيلهم لتأشيرات وهمية ، لافتا إلى عزم المؤسسة على الانتقال إلى موضوع القراءة عن بعد باستخدام نظام / اي ام ار / بعد تطبيق مشروع تجريبي في محافظة طرطوس مشيرا إلى العمل حاليا لاستدراج عروض لشراء 600 ألف عداد / اي ام ار / لتطبيقها في شركة كهرباء دمشق .

وبعيدا عن الإجراءات المتخذة والخطط المستقبلية يرى محمود أن “مشكلة الطاقة ومن ضمنها الفاقد الكهربائي لا يمكن أن تحل من قبل وزارة الكهرباء منفردة بل تتطلب خططا جدية للتعاون البحثي بين الوزارة والجامعات ومراكز البحوث المعنية” وهو تعاون “مفقود حاليا” لأن البحوث في هذه المراكز والجامعات تتم بناء على حاجة أكاديمية دون ربطها مع المشكلات الفنية الحقيقية.

طلال ماضي