الأونروا والعدوان على غزة..بقلم : جمال ظريفة

بعد نكبة عام 1948 والإعلان عن قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية قام ما يسمى الآن المجتمع الدولي بإحداث هيئة أممية تسمى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي إلى اليوم مسؤولة عن رعاية كل الفلسطينيين تقريباً الذين أُخرجوا من ديارهم واستمروا لاجئين، أي أنَّ هناك نحوَ 3 أجيال عاشوا، ولا يزال الأحياء منهم تحت رعاية الأونروا.

عمر المنظمة الدولية ناهز74 عاماً، حيث وزعت المساعدات على الفلسطينيين الذين انتشروا في البداية في قطاع غزة والضفة الغربية واتجهوا نحو سورية ولبنان والأردن في ما سمي بالتغريبة الفلسطينية وسكنوا في مخيمات اللجوء على أمل العودة القريبة.

ولابد من الإشارة هنا إلى أن الدول التي ساعدت العصابات الصهيونية في احتلال أراضي 48 هي ذاتها التي أنشأت ومولت الأونروا إضافة لبعض الدول الأخرى التي كانت أهدافها إنسانية بحتة.

بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة حاولت تثبيت الحالة الراهنة بإنشاء تلك المنظمة وتوزيع المساعدات على الفلسطينيين، وذلك لإنهاء حق العودة وكي يكتفي الفلسطينيون بما لديهم، والسبب الثاني هو أن تظهر تلك الدول الاستعمارية بأنها مع حقوق الإنسان رغم أن الأسلحة التي قُتل فيها الفلسطينيون ودمرت منازلهم هي من بريطانيا الولايات المتحدة وفرنسا.

ومن الطبيعي، مع علاقة الـ74 عاماً، أن تكونَ المنظمة الدولية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وهم جزء منها، ولا يمكن أن نتخيَّلَ كيف كانت الحياة، أو ستكون من دونها بعدما تحولت تلك إلى شبه حكومة مدنية للشعب الفلسطيني، بحكم حجم ارتباطها والتزاماتها وخدماتها.

وهنا يبرز العداء الإسرائيلي للمنظمة الدولية، حيث تعدها “إسرائيل” سبباً في صمود الفلسطينيين وبقائهم كمجتمع، وتمسكهم بهويتهم الفلسطينية، وهي صاحبة مقولة “الفلسطيني الصالح هو الفلسطيني الميت” هذا الشعار يعكس مدى الحقد الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وبعده لا نستغرب جرائم قوات الاحتلال ومجازرها في قطاع غزة ولا حتى في الضفة الغربية التي تحولت إلى سجن كبير أيضاً على غرار غزة الكليمة.

وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين /أونروا/ ليس فقط جريمة حرب ترتكبها /إسرائيل/ بل هو تحد لقرارات محكمة العدل الدولية التي أقرت تدابير عاجلة تتضمن وقف أي خطوات يمكن اعتبارها أعمال إبادة جماعية والسماح الفوري للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى أهالي غزة المحاصرين.

قطع المساعدات الأساسية عن أكثر من مليوني مدني أكثر من نصفهم أطفال داخل غزة وأكثر من ٩ر٥  ملايين مهجر فلسطيني في أنحاء المنطقة كان هدفاً رئيساً بالنسبة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، لأن الأونروا لطالما أثارت حنق رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو فهي تعتبر الشريان الأساسي لهذه المساعدات والموثق الأكبر لجرائم الإبادة بحق الفلسطينيين، لذلك لابد من التخلص منها للاستمرار في حرب التجويع.

وضع تاريخي واجتماعي وسياسي غير صحيح أتى بالأونروا، لأن تهجير أي شعب من أرضه لايمكن أن تعوضه الأموال والمساعدات رغم أنها ساندت الشعب الفلسطيني في العيش والدراسة والطبابة وكل مناحي الحياة، وهذا الوضع ينطبق على كل الفلسطينيين في لبنان والأردن وقطاع غزة والضفة.

الغريب في الأمر أن معظم الدول المانحة للأونروا تساند “إسرائيل” في عدوانها وحربها المستمرة منذ عام 1948 وهي الآن تحولت إلى أداة بيد الاحتلال في اتهام المنظمة الأممية بأنَّها تحولت في غزة إلى خدمة المقاومة ولهذا أوقفت نحو 6 دول داعمة أموالها.

الحقيقة أنَّه لا يمكن وقف الأونروا، ولا إيقاف الدعم عنها، لأنَّ ذلك عملياً سيتسبب في مأساة كبيرة إلا بعد وضع نظام إغاثي بديل أو تعديل النموذج الإغاثي الحالي، وهو الأمر الذي تسعى إليه الدوائر الصهيونية.

وهنا تبرز مسألة التوطين التي تسعى إليها “إسرائيل” لإسقاط حق العودة، فيتم طرح اقتراحات، منها إيجاد الوظائف والأعمال بدلاً من تقديم الأرز والدقيق، وفتح المخيمات في بعض البلدان، وإعطاء الجنسية للفلسطيني كي تذوب جنسيته الفلسطينية مع الأيام، ويأتي جيل لا يمت للقضية بصلة.

وفي التاريخ هناك ثوابت لا يمكن إنكارها وحجبها مهما بلغت قوة الباطل والتي لا يمكن لشجرة نبتت في أرض أن تتركها، وفكرة المقاومة ليست فعلاً على الأرض فحسب بل هي فكرة تتناقلها الأجيال وتخطت البعد الجغرافي عن فلسطين رغم أن كل من يقارع المحتل الآن هم أحفاد من تم تهجيرهم ولايزالون متعلقين بأرضهم ووطنهم.

انظر ايضاً

الأونروا تحذر من تزايد الأمراض المعدية جراء اكتظاظ مخيمات النازحين بغزة

جنيف-سانا حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” من تزايد الأمراض المعدية جراء …