“جنيف3″ .. وعدوانية الغرب-صحيفة البعث

تتجه الأنظار غداً إلى سويسرا، حيث من المتوقع أن تبدأ جولة مفاوضات جديدة تحت مسمى “جنيف3″ لإيجاد تسوية للأزمة السورية، بمشاركة وفد عن الحكومة السورية و”المعارضات” السورية ودول عربية وإقليمية، حسب ما أعلن المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا.

لكن الغرب، على ما يبدو، ليس بوارد إيجاد حل يلبي طموحات الشعب السوري، فكما حدث قبل الجولات السابقة، صعّدت التنظيمات الوهابية التكفيرية المدعومة من آل سعود ونظام رجب طيب أردوغان من عملياتها الإجرامية في عدة مناطق بهدف إحداث تغيير في الميدان تتكئ عليه لفرض أجندات أبعد ما تكون عن طموحات الشعب السوري، وهذا ما عبر عنه الناطق الرسمي باسم أطراف التآمر على سورية، التركي من أصول سورية رئيس ما يسمى ” الائتلاف” عندما جدد دعوته الغرب لإسقاط الدولة السورية، ومناشدة أمريكا فرض مناطق عازلة تكون نقطة انطلاق لمحاولة تقسيم سورية، وهو مشروع يسعى الغرب وحكام “إسرائيل” لتطبيقه في الدول العربية، ومنها العراق، الذي بدأ الحديث الأمريكي عن تقسيمه علناً.

من هنا يمكن القول: إن الغرب لا يريد حتى اللحظة وقف العدوان، بل إنه يعمل على توسيع دائرة الاشتباك، دلل على ذلك مباركته استمرار العدوان السعودي على اليمن، وتقديمه جرعة جديدة للتكفيريين في سورية، عبر فتح مراكز تدريب لهم في تركيا بإشراف أمريكي، وبالتالي فإن كانت المفاوضات يراد لها السير باتجاه ما يحلم به الغرب فهي محكومة بالفشل، فالشعب السوري الذي قدّم التضحيات الجسام وتحمّل العقوبات الجائرة، التي استهدفت لقمة عيشه، في سبيل الحفاظ على الهوية العربية ووحدة التراب واستقلالية القرار لن يرضى بأن تفرض عليه حلول من الخارج تتماهى مع الأجندات الغربية.

وعليه فإن قبول الغرب بمفاوضات سياسية في هذه المرحلة يمكن وضعها في خانة إسكات الرأي العام الغربي، الذي بدأ يضغط على حكوماته لاتخاذ خطوات جدية في محاربة الإرهاب، بعدما قضّ المضاجع في أكثر من بلد أوروبي، ويحاول في حقيقة الأمر اللعب على عامل الوقت لإحداث تقدّم في الميدان يصرفه في السياسة، رغم أن استخدام القتلة المأجورين والتنظيمات التكفيرية سلاح ذو حدين، فهوـ وإن استطاع إحداث الدمار في الدول المستهدفة من قبل الدول الاستعمارية وأذنابها في المنطقةـ لن يطول الوقت حتى يضرب الدول الداعمة والمصنعة له، ما يعني وضع العالم برمته على فوهة بركان، وعندها ستتقاطر الوفود الغربية إلى سورية لفتح قنوات للتعاون في محاربة الإرهاب.

بالمحصلة لعب الغرب على عامل الوقت لم يعد في مصلحته، فكلما صمدت الدول المستهدفة في ميدان الحرب، يدق مسمار جديد في نعش المشروع الغربي المرسوم لمنطقتنا، وبالتالي عندما يستشعرون أن نار الإرهاب خرجت عن السيطرة سيقبلون بالحلول التي تريدها سورية والدول الساعية للانعتاق من هيمنة القطب الواحد وولوج عالم متعدد الأقطاب يعيد التوازن للقرار العالمي.

بقلم: عماد سالم

انظر ايضاً

لا قفز فوق الأولويات

لن نبالغ في التفاؤل تجاه ما تمخّض عن زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق، …