خطوة على السكة الدولية الصحيحة.. بقلم: أمين الدريوسي

في اليوم الثاني بعد المئة على العدوان الإسرائيلي على غزة، وفي خضم المرحلة الحساسة التي يعيشها هذا الكيان من دون تحقيق أي هدف من أهدافه المعلنة، جاءت خطوة جنوب إفريقيا كإنذار قانوني يوصم الكيان المؤقت بالإبادة الجماعية، ويكشف زيف السردية الإسرائيلية التي حاول ترويجها في وسائل الإعلام الكبرى التابعة له والتي يمولها منذ بداية المعركة، حيث كثرت التحليلات والتغريدات والتصريحات التي صدرت عن قادة كيان الاحتلال ووسائل الإعلام سابقة الذكر كردّ على التهم المنسوبة إليه، والتي تدل على قلق وارتباك الكيان المؤقت، في محاولة لإعادة تلميع صورته في العالم.

في هذه المرحلة، وبعد صمت الجميع عما يحدث في قطاع غزة من جرائم ضد الإنسانية، تبرز أهمية خطوة جنوب إفريقيا لكونها تضع القضية الفلسطينية على السكة الدولية الصحيحة، من ناحية أحقيتها على صعيد القانون الدولي، بغضّ النظر إن نفذت قراراتها أو بقيت حبراً على ورق.

إن مجرد مثول كيان الاحتلال في المحكمة يدل على خطورة الاتهامات، هذا بحد ذاته يجعل له تأثيراً كبيراً على سمعته في الرأي العام العالمي، وتقويض الدعم الدولي له، وارتفاع أصوات إدانته عالمياً، وبالمحصّلة وصم الكيان المؤقت في المحاكم باعتباره «دولة» فصل عنصري وكياناً متهماً بإبادة شعب، وتعدّ هذه الخطوة مؤثرة على صعيد الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، يبنى عليها في الحاضر والمستقبل.

في الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا إلى المحكمة الجنائية الدولية يوم الـ 29 من كانون الأول الماضي، والمكونة من 84 صفحة، شرحت الأدلة المرفقة الوحشية الإسرائيلية التي تُرتكب في غزة، إضافة إلى طلب عاجل من المحكمة بأن تعلن سريعاً أن «إسرائيل خرقت التزاماتها بموجب القانون الدولي منذ السابع من تشرين الأول الماضي».

وليس من المستبعد أن تصدر محكمة العدل الدولية بعد أسابيع قليلة حكماً لمصلحة جنوب إفريقيا في الشق المتعلق بالتدابير المستعجلة، وقد يأخذ شكل توجيه أمر للكيان الإسرائيلي بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء عدوانه، والامتناع عن تقييد دخول المعونات الإنسانية وفتح المعبر، وسنكون أمام احتمالين، إما أن تكون الأوضاع في الميدان قد أجبرت الكيان الإسرائيلي على وقف عملياته العسكرية بالفعل بحثاً عن مخرج سياسي للأزمة، أو أن يتجاهل أمر المحكمة رغم إلزاميته التامة من الناحية القانونية.

بالمحصّلة، البراهين التي قُدمت من جنوب إفريقيا قوية جداً، وإصرار الكيان الإسرائيلي على مسألة «الدفاع عن النفس» ضعيفة جداً، مع ثبوت انتهاكه كل القواعد، وأهمها قاعدة التناسب في العمليات الحربية، وقاعدة التمييز، إضافة إلى محاولة فريق الدفاع ضرب الحجج الواقعية، ونيّة وقصد ارتكاب الإبادة الجماعية، وهذا أيضاً موقف ضعيف، لأن التصريحات الرسمية التحريضية واضحة ومباشرة.

انظر ايضاً

في عيد الجيش.. التاريخ وحده لا يكفي… بقلم: أمين الدريوسي

ثمانية وسبعون عاماً مرّت على تأسيس الجيش العربي السوري، هذه المؤسسة العسكرية الوطنيّة برجالاتها الميامين،