الشريط الإخباري

الكبة النبكية… أكلة شعبية يترافق إعدادها وأكلها مع عادات وطقوس اجتماعية مميزة

ريف دمشق-سانا

يترافق إعدادها وأكلها مع عادات وتقاليد وطقوس اجتماعية مميزة ما تزال مستمرةً لدى أهالي النبك، إنها “الكبة النبكية” التي تعد الأكلة الشعبية المفضلة لديهم من عشرات السنين، وارتبط اسمها بهم نظراً لتميزهم في إعدادها.

السيدة صفاء الحوز “أم مصطفى” تقول في تصريح لمراسلة سانا: “الكبة عند أهالي مدينة النبك من أهم الأطباق التي تقدم في جميع المناسبات الاجتماعية والأعياد والأعراس، وأيضا تقدم للضيف المميز، كما يحرصون على أن تكون الكبة بأنواعها المشوية والمقلية واللبنية وغيرها موجودةً في رحلاتهم ونزهاتهم، ولا سيما في يوم الجمعة الذي يقضونه في مزارعهم”.

وأضافت: إن أغلب أهالي النبك المغتربين يحرصون على اصطحابها معهم إلى بلدان الاغتراب بعد كل زيارة إلى وطنهم، حيث تعتبر من الأكلات الشعبية السورية المحببة هناك.

أم مصطفى امتهنت صناعة الكبة وتسويقها، نظراً للظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي مرت على عائلتها نتيجة تدمير منزلهم ورزقهم أثناء الحرب الإرهابية على سورية، ما جعلها تفكر بطريقة تخرج بها نفسها من هذه الضائقة، وتكون سنداً لعائلتها، فبدأت بهذا المشروع، وكان متواضعاً في البداية، وبمساعدة ودعم المقربين منها تمكنت من تطويره وتوسيع دائرة تسويقها، وتحسين وضعها الاجتماعي ومتابعة أولادها تعليمهم الجامعي.

وأشارت أم مصطفى إلى أن الكبة حتى تكون بنكهة وشكل مميز تحتاج إلى المهارة والالتزام بالمقادير الصحيحة.

وعن أصول الكبة وأهميتها ذكرت الباحثة الاجتماعية ورئيسة ملتقى سوريانا للسيدات في مدينة النبك ياسمين عينية في تصريح مماثل، أنها قدمت بحثاً حمل عنوان “قمح الحياة” لإحدى المنظمات تحدثت فيه عن تصنيف الأطعمة التقليدية كعنصر من عناصر التراث غير المادي، مثل “الكبة السورية وطقوسها”، موضحةً أن الكبة طبق سوري مصنوع من البرغل الفاخر المكون من قمح، يتم حشوه باللحمة والمكسرات وأشياء أخرى لزيادة نكهتها.

وأشارت عينية إلى العادات والتقاليد الاجتماعية التي ارتبطت بصنع الكبة، أهمها دق اللحمة في الجرن الحجري، وهو عبارة عن أداة حجرية تقليدية مصنوعة من الحجر المناسب الذي لا ينكسر ولا يخرج من قاعه المواد التي تدق عند ضربه، ويستخدم خصيصاً لتحضير الكبة.

ولفتت عينية في حديثها إلى كلام الكاتب في التاريخ يوسف موسى خنشت عن عادات أكلة الكبة في مدينة النبك بريف دمشق، حيث قال: “إنها من أشهى الأكلات عند أهالي النبك رغم الوقت والتعب الذي يعانون منه في صنعها”، معتبراً أن الكبة المطبوخة في الكشك المصنوع من البرغل والحليب واللبن هي المفضلة لديهم، ما جعل السكان في القرى المجاورة يتهكمون عليهم قائلين: “أكل النبكي كبة بالكشك”.

وتتابع عينية: “إن سكان النبك يعبرون عن فرحة كبيرة عندما يذهبون لشراء اللحمة الحمراء من أجل الكبة، وتشرع ربات المنزل في غسيل الجرن وتنظيفه، فبعد دق اللحمة وجبلها بالبرغل الناعم يصنعن منها أقراصاً صغيرة وكبيرة، فيسلقن الصغيرة في حساء من الكشك بالشتاء، وفي اللبن بالصيف وتسمى اللبنية، ويشوين الكبيرة منها أو يقلينها بالسمن والزيت “، “وقليلون منهم يصنعون الكبة بالصينية والعصيدة فوق منها”،وإضافة إلى ما سبق يوجد نوع من الكبة يطلق عليه كبة الحيلة الخالية من اللحمة وتؤكل مع المجدرة المصنوعة من القمح واللبن أو الشيشبرك.

ومع مرور السنين تغيرت آلية صنع الكبة وتطورت من أداة يدوية خاصة بطحن اللحمة والبرغل معاً، ليصبح تجهيزها عبر آلة كهربائية، وفق عينية، مشيرةً إلى أن الكبة تعرف أيضاً في البلدان المحيطة بسورية مثل لبنان وفلسطين والأردن والعراق، وتقول بعض المصادر: “إن أصل الكبة هي جريش الشهيرة في العراق التي تعود للعصر الآشوري، وقد ورد ذكرها في احتفال الملك آشورناصربال الثاني الذي تحدث عن وليمة أقامها للضيوف بعد الانتهاء من بناء قصره عام 879 قبل الميلاد، وذكر تقديم وجبة الكبتو، وظهرت كلمة الكبة في النصوص المسمارية، وكلمة كبة في اللغة الأكادية بفروعها الآشورية والبابلية على شكل (كبتو)، وقد استخدمت هذه الكلمة للإشارة إلى الشيء المستدير كدائرة”.

سفيرة إسماعيل

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency