بغداد–دمشق المطلوب اقتران الإرادة بالعمل… بقلم: أحمد ضوا

حظيت مباحثات السيد الرئيس بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني باهتمام سياسي وإعلامي عربي وإقليمي كبير، وتناولتها وسائل الإعلام من جوانب متعددة شملت كل جوانب التعاون بين البلدين.

من المعلوم أن التعاون بين سورية والعراق لا يخضع فقط لإرادة البلدين، ولو كان الأمر كذلك لكانت العلاقات السورية العراقية مثالاً يقتدى به بالمنطقة بالنظر للعوامل العديدة التي تجعل هذا التعاون مفيداً لكلا البلدين والمنطقة عموماً.

فهذه العلاقات كانت عرضة منذ عقود لضغوط خارجية وبالتحديد أميركية- أوروبية أدت في العديد من المراحل التاريخية إلى منع تعزيزها خلافاً لما يريده شعبا البلدين.

الإيجاز الصحفي للرئيس الأسد والسوداني تناول جميع أوجه هذه العلاقات، وبدا التركيز واضحاً في المجالين الاقتصادي ومكافحة الإرهاب لارتباطهما بترسيخ الاستقرار وضمان التبادل التجاري الواسع الذي يوفر لكلا الشعبين الفرص الآمنة والتعاون البناء والانسياب للسلع حسب الاحتياجات في الأسواق العراقية والسورية.

إن السؤال المطروح هو: هل تكفي الرغبة والإرادة السياسية والوطنية في كلا البلدين للدفع بهذه العلاقات إلى الأمام؟
لا شك أن عامل الإرادة المشتركة مهم جداً، ولكن لا بد من أن يترافق بإجراءات عملية على الأرض، ومع الدول التي تعرقل تعزيز هذه العلاقات، ويمكن للحكومة العراقية أن تقوم بحكم علاقاتها مع الولايات المتحدة بمعالجة هذه المشكلة وخاصة أن مصلحة العراق وتأمين احتياجات شعبه هي الهدف، وبالنظر للتشابك في المنطقة والمصالح الأميركية، بإمكان بغداد التفاوض مع واشنطن لإيجاد حلول للوضع المأزوم على الحدود السورية العراقية جراء الاحتلال الأميركي ودعمه لفلول تنظيم داعش الإرهابي الذي يستهدف حركة النقل عبر الحدود السورية العراقية.

إن تعزيز التعاون السوري العراقي في مجال مكافحة الإرهاب على طول الحدود المشتركة بين البلدين يشكل ورقة ضغط على واشنطن، وقد يكون دافعاً لها للبحث في إغلاق هذا الملف عندما تنتفي جدواه على الأرض بالنسبة لها، وفي الوقت نفسه قد يفتح الباب أيضاً لإيجاد حلول سياسية وأمنية تزول فيها المبررات الواهية التي يسوقها التحالف الأميركي غير الشرعي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
يستدعي دفع العلاقات السورية – العراقية تحريك ملف الاحتلال الأميركي في سورية والعمل باتجاه انسحاب الجنود الأميركيين ويكون ذلك باتجاهين:
الأول اتباع السلوك السياسي على أساس احترام سيادة سورية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية مع القبول بمناقشة الطروحات الأميركية، وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، الحجة التي توجد بها القوات الأميركية على الأراضي السورية، وهنا يمكن أن يكون للعامل الإقليمي وخاصة العراق دور في هذه العملية بحكم غياب التواصل المباشر بين الحكومتين السورية والأميركية.
والاتجاه الثاني هو تصعيد المقاومة ضد الاحتلال الأميركي كحق مشروع للشعب السوري تكفله القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وهذا من شأنه دفع واشنطن إلى إعادة النظر بوجودها غير الشرعي في شرق سورية.

إن العقبات التي تعترض تعزيز العلاقات السورية – العراقية في الجوانب الاستراتيجية هي غير موجودة في بعض الجوانب الأخرى الاستهلاكية، وهذا يتطلب من الجهات الحكومية في البلدين العمل لتسريع وتيرة هذا التعاون وتوفير متطلبات انسياب السلع عبر الحدود والنجاح في هذا المضمار هو مؤشر مهم إلى توجهات البلدين وتطوير التعاون بينهما في كل المجالات.

انظر ايضاً

دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي.. وحساب الربح والخسارة!… بقلم: جمال ظريفة

لا وصف لما منيت به السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة بعد الانخراط بالعدوان على غزة …