الشريط الإخباري

“لا تتركوا سورية وحيدة” .. بقلم: عبد الحميد الرياحي – الشروق التونسية

حين تستمع إلى المسؤولين الأمريكيين وهم يلقون الدروس والمواعظ حول الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، يذهب في ظّنك أنك إزاء واحة تعلى فيها هذه القيم الكونية وتنتصر فيها إنسانية الإنسان بصرف النظر عن جنسيته وعن لونه وعن قناعاته ومعتقداته.

لكن حين تنظر إلى السياسات الأمريكية وترى الوجه الآخر والحقيقي لأمريكا الجشعة، المتعطشة للتحكم في رقاب خلق الله، أمريكا التي تدمر الدول وتقتل الشعوب وتجوعها، تقول: أي انفصام للشخصية تعاني منه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، انفصام بين أقوال ترتقي بالأمريكان إلى مصاف الملائكة وأفعال تنزل بهم إلى رتبة الشياطين.

فأمريكا باسم تحرير العراق وباسم كذبة تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية وباسم تحرير الشعب العراقي قصفت ودمرت وجوعت، ثم غزت بلداً آمناً وأسقطت دولته ودمرت مؤسساته وحلت جيشه وأغرقته في فوضى عارمة وفي حروب أسالت أنهراً من دماء العراقيين، وبالمحصلة تقول الأرقام: إن ما لا يقل عن مليون مواطن عراقي قتلوا بسبب الحصار وبسبب القصف والغزو الأمريكي وبسبب الحروب التي أشعلتها في العراق، وبالنتيجة أعيد العراق بالفعل إلى العصر الحجري.

أمريكا نفسها هذه هي الآن بصدد تكرار جريمة العصر مرة أخرى مع الشعب السوري هذه المرة، لم يكفها الإيعاز بتشكيل عصابات الإرهاب والإجرام ومن خلال  تسليحها والإشراف  على تدريبها بواسطة وكلاء إقليميين قبل الزج بهم داخل الجغرافيا السورية ليعملوا فيها تدميرا وتخريباً وتقتيلاً، لم يكفها كل ذلك حتى أخضعت الشعب السوري لسيف عقوبات ما سمي “قانون قيصر” الذي يخنق الشعب السوري ويحرمه من أبسط ضروريات الحياة اليومية في تكرار سمج وهمجي لحصار العراق الذي عصف بدوره بمئات آلاف العراقيين، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

ولتكتمل دائرة التعطش الأمريكي للدم العربي السوري إرضاء لحلفائها الصهاينة وإرواء لظمئهم وتعطشهم لرؤية الشعب السوري وهو يباد عن آخره، فالإدارة الأمريكية لم تكتف بفرض العقوبات والحصار، ولم تكتف باحتلال آبار النفط وحقول الغاز السورية لتحرم الشعب السوري من موارد مهمة وتستغلها لتمويل احتلال “مريح” لقرابة ثلث الأراضي السورية، لم تكتف بكل هذا، بل يجمع المراقبون على أن إدارة بايدن لم تغفر للقادة العرب ما أسمته بـ “خطيئة” إعادة العلاقات مع سورية وإعادتها لشغل مكانها الطبيعي في صلب الجامعة العربية.

وتقول التقارير بأن المخابرات الأمريكية التي تحتفظ بعلاقات وطيدة مع إرهابيي “داعش” قد زودتهم بصواريخ تحمل رؤوساً كيميائية لاستعمالها واتهام الجيش السوري باستهداف المدنيين بالأسلحة الكيميائية، في مسعى مكشوف ومفضوح لوقف ديناميكية التقارب العربي مع سورية والتي أطلقت في قمة جدة، لكنها ما زالت لم تحقق الاختراق المطلوب الذي يخفف عن سورية وطأة الحصار الاقتصادي ويقنع الشعب السوري بجدوى وبدفء العودة إلى الحضن العربي.

إن العرب الذين سعوا إلى إعادة العلاقات مع دمشق وحرصوا على عودتها إلى الجامعة العربية مطالبون بالتنبه واليقظة لحماية خطوتهم هذه ولتدعيم ديناميكية عودة الروح للتضامن العربي وللعمل العربي المشترك التي عرفت ولادة جديدة في قمة جدة، وهي مسؤولية تبدأ بتأكيد عودة سورية إلى بيتها العربي، وتنتهي بقطع الطريق على كل محاولات عزلها للاستفراد بها وتحطيمها خدمة للكيان الصهيوني الذي لا يدخر بدوره جهدا في استهداف الأراضي السورية والشعب السوري، فالعالم يتغير والأقطاب الدولية تبرز والهيمنة الأمريكية ليست قدراً محتوماً على العرب التسليم به والخضوع له.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

الشروق التونسية: الدول التي أججت نار الإرهاب في سورية تتباكى على اللاجئين

تونس-سانا أبدت صحيفة الشروق التونسية استغرابها من قيام الدول التي أججت نار الحرب والارهاب في …