“موسكو2”.. مسؤولية وطنية كبرى-صحيفة البعث

من جديد، أكدت القيادة السورية حرصها على الاستجابة لكل المبادرات، التي من شأنها المساعدة في إيجاد مخرجات للأزمة سياسياً، بما يحفظ وحدة البلاد وسيادتها واستقلالية قرارها، ويخفف آلام السوريين، الذين تحمّلوا ما تنأى الجبال عن حمله خلال السنوات الأربع الماضية.

في لقاء موسكو2 يحاول وفد الحكومة السورية الوصول إلى مقاربات مع وفد المعارضة، تمكّن من إرساء مقاربات لبناء جسور الثقة مع مختلف المكوّنات والتيارات السياسية الساعية بالفعل إلى الانتقال بسورية نحو مستقبل أفضل، بما يواكب مقتضيات العصر من خلال الحوار سوري-سوري بعيداً عن الإملاءات الخارجية.

وبالنظر إلى الأجواء التي سادت المناقشات خلال اليومين الماضيين، يمكن القول: إنه بالإمكان الوصول إلى قواسم مشتركة بين السوريين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية، تفضي إلى تشكيل موقف وطني جامع يمكن من خلاله التوجه لمخاطبة المنظمات والهيئات الدولية والرأي العام العالمي لمساعدة السوريين في الخروج من أزمتهم، والذي يأتي في مقدّمتها الضغط على الحكومات التي لا تزال تُراهن على إسقاط سورية لوقف تدخلاتها وعبثها في الشأن السوري، حيث حاولت الأطراف المشاركة في الحرب على سورية وضع العصي في عجلات كل المبادرات لحل الأزمة، وهذا ليس بخاف على كل المجتمعين في موسكو.

من هنا يأمل الشعب السوري من اللقاء أن يكون بوابة عبور نحو سورية المتجددة على قاعدة رابح-رابح، ومن خلاله سيتمّ الفرز بين من يحمل أجندة وطنية هدفها إنقاذ البلاد وإخراجها من محنتها، وبين من ينفذ أجندات خارجية ويواصل مقاطعة الحوار ليبقى جسراً تمرر عليه كل المخططات الصهيوأمريكية، الهادفة إلى ابتزاز الحكومة السورية والحصول على تنازلات تخدم مصالح الغرب والكيان الصهيوني، حيث يُراهن هؤلاء على التنظيمات التكفيرية لإحداث تغيرات في الميدان ويغلفها بكيان سياسي يُسمى “الائتلاف”، غاية أعضائه البقاء في الفنادق الفارهة وقبض رواتبهم من أولياء نعمتهم في الخليج.

وعليه فإنه بعد أربع سنوات من الصمود في مواجهة أعتى هجمة تعرضت لها سورية في تاريخها، ودفع خلالها شعبنا تضحيات جساماً، وأفشل كل المخططات في الميدان بدماء أبنائه في سبيل الحفاظ على الهوية والوحدة الوطنية، يستحق أن يخرج منتصراً في السياسة من خلال الحوار والاحتكام إلى الإرادة الشعبية لتقرير مستقبل سورية، وبالتالي تفويت الفرصة على أمريكا وأذنابها وكل من يضمر الشر ويحلم بتحويل سورية إلى دولة فاشلة.

لقد قوبلت لقاءات موسكو بصمت من الدول الغربية ووسائل الإعلام الناطقة بالعربية، وهذا يؤكد عدم رضاهم عن خطوة فتح باب الحوار بين السوريين، ويأملون فشل المناقشات، وبناء عليه فإنه يقع على عاتق المجتمعين مسؤولية وطنية كبرى للخروج بمقررات يمكن من خلالها بعث رسالة إلى العالم، مفادها أنه عندما يتوقف التدخل الخارجي فإن السوريين قادرون على معالجة مشاكلهم وتقديم أنموذج يُحتذى للدولة العصرية.

ما حدث حتى الآن في موسكو خطوة هامة يؤشر إلى قرب تصاعد الدخان الأبيض والخروج بمقررات حسب الأولويات، والتي يأتي في مقدّمتها القضاء على الإرهاب، ومن ثمّ بحث النقاط الأخرى، والانطلاق نحو إعادة الإعمار وإعلان النصر على المتآمرين.

بقلم: عماد سالم

انظر ايضاً

لا قفز فوق الأولويات

لن نبالغ في التفاؤل تجاه ما تمخّض عن زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق، …