حادثة (بوبال) في الهند… مثال حي على جشع الشركات الأمريكية واستهتارها بأرواح البشر

عواصم-سانا

لا يقتصر تاريخ الولايات المتحدة على شن الغزوات العسكرية المتتالية والتدخل بشؤون دول العالم وقتل وتشريد شعوبها فقط، بل تحذو شركاتها ونخبها الاقتصادية حذو نظيرتها السياسية والعسكرية في الاستهتار بأرواح البشر في سبيل الإثراء الجشع على حساب الشعوب.

حادثة (بوبال) المنسوبة إلى المدينة الهندية التي تحمل هذا الاسم أحد الأمثلة الحية على سياسة الاستغلال التي تتبعها الشركات الاحتكارية لجمع الأموال على حساب حياة الأشخاص، حيث تسببت إجراءات إهمال السلامة لشركة الكيميائيات الأمريكية (يونيون كاربيد) عام 1984 بتسرب مبيد حشري سام أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من السكان الهنود.

ويعود السبب الأساسي لهذه الكارثة إلى رغبة الشركة الأمريكية بتحقيق أكبر قدر من الأرباح بعد أن تناقصت مبيعاتها من مبيد الحشرات الذي حمل الاسم (سيفين)، فأهملت إجراءات السلامة والأمن بشكل مريع وقامت إضافة إلى ذلك بتخفيض رواتب العاملين والاستغناء عن المتخصصين، بما في ذلك الخبراء في مجال الصيانة، وفي الوقت نفسه استغلال الأيدي العاملة المحلية الرخيصة.

ونتيجة لتوقف بعض آليات السلامة الرئيسة وصلت المياه إلى خزانات مليئة بأطنان من مادة (إيزوسيانات الميثيل) المتراكمة، وهي في حالة سائلة وفي تلك الكارثة ليلة 3 كانون الأول 1984 ارتفعت فوق (بوبال) الهندية سحابة ضخمة من غاز (ميثيل أيزوسيانات) شديد السمية المستخدم في إنتاج المبيدات الحشرية، وبما أن هذا الغاز أثقل من الهواء مرتين فقد بدأ 42 طناً من الأبخرة شديدة السمية في السقوط على المدينة النائمة.

ولقي حتفه في تلك الليلة حسب تقديرات مختلفة ما بين 3 حتى 10 آلاف شخص في مدينة (بوبال)، واستمرت مضاعفات رهيبة في السنوات التالية على حوالي 25 ألف آخرين.

على خلفية الكارثة بدأت الهند في عام 1985 مقاضاة الشركة الأمريكية، حيث دفعت (يونيون كاربيد) لاحقاً 470 مليون دولار تعويضات عن الضحايا بعد عقود من الدعاوى القضائية والتحقيقات.

حادثة (بوبال) في الهند لا تمثل إلا غيضاً من فيض الحوادث المماثلة التي تجسد جشع الشركات الأمريكية واستهانتها بأرواح مواطني دول العالم وترسم صورة واضحة عن المنهج الاقتصادي الذي ترسمه أكبر قوة رأسمالية في العالم بالاعتماد على الأنانية واستغلال الآخرين، وعدم الاكتراث بحياتهم في سبيل المال وهو مماثل للمنهج السياسي لواشنطن القائم على التدخلات العسكرية والحروب وإزهاق أرواح البشر تحقيقاً لأطماعها التوسعية التي لا تنتهي.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency