بصمات واضحة للأمهات السوريات في مختلف مجالات الحياة

محافظات-سانا

رغم كل التحديات التي تواجهها المرأة السورية في ظروف الحصار المفروض على سورية، إلا أنها أثبتت قدرتها على التوفيق بين واقعها كأم وميادين عملها لتترك بصمات واضحة في مختلف مجالات الحياة.

الأديبة فائزة القادري مديرة المركز الثقافي في القامشلي والتي بدأت حياتها في القطاع التربوي كمعلمة ومديرة مدرسة في مدينة عامودا، تقول في حديثها لمراسلة سانا: “هناك تحد يواجه الأم العاملة مما يتطلب منها جهداً إضافياً كبيراً وغياباً عن الأسرة لساعات وهذا قد يسبب ضغطاً على الأم والأسرة ويؤثر على دورها في العمل”، مضيفة: إن النجاح بدورها كأم يكون بحرصها الشديد على التنظيم واستثمار الوقت وتوزيع ساعات اليوم بين العمل والأسرة.

من جانبها التربوية نجاح العلي مديرة مدرسة العروبة للمتفوقين بينت أهمية الأم في خلق التفوق وخاصة أن تفوق الطالب ليس طفرة أو ضربة حظ بل هناك أم تسهر بجانبه ويستمد منها الدفء والأمان وهي ترسم مستقبله خطوة بخطوة لتحفزه على الدراسة والنجاح بجد وتحصيل المراكز الأولى وتسهل عليه كل صعب وتمده بالتفاؤل والأمل.

وضحى الكنيهر التي افتتحت مؤخرا مطعما للوجبات السريعة وقامت بتأمين فرص عمل لخمس أمهات أخريات يعملن معها ترى أن افتتاحها للمطعم كمشروع صغير يأتي في إطار سعيها لتأمين استقرار مادي لأسرتها وأسر الأمهات العاملات معها وتوفير كل ما يحتاجونه، فالأم هي التي تمنح الفرح وتشارك الآخرين بكل اللحظات السعيدة والحزينة والصعبة.

وتقول الدكتورة بشرى العبوش: “إن كل سيدة تعمل وتهتم بأسرتها وتحقق التوازن هي سيدة ناجحة تستحق منا جميعاً الاحترام والتقدير، وليس كل امرأة تستطيع التوفيق بين العمل والأسرة وتحقيق التوازن بين دورها كأم وامرأة عاملة في ذات الوقت”.

الصيدلانية سمر الصومعي تركت بصمة في العمل الإغاثي والإنساني ولم تترك أي مجال فيه مساعدة الآخرين إلا وتراها متواجدة كأم وصيدلانية ومتطوعة لعمل الخير وتقديم المساعدة والعون لمن هم بحاجة ولا سيما الأطفال وأصحاب الإعاقة.

وتقول الصومعي: لا يمكن وصف أي إحساس أو شعور تمتلكه الأم بداخلها فهي كتلة محبة وحنان وعطاء، ومساعدة الآخرين وتقديم العون لهم فيه من الراحة ما لا يوصف، فعلى الصعيد الشخصي خضت تجربة صراع مع السرطان وشاهدت المعاناة وعايشتها لذلك حاولت أن أقدم أي شيء لمرضى السرطان وساهمت إلى جانب نخبة من الأطباء بتأسيس جمعية طبية لتقديم كل الخدمات الطبية للأسر المحتاجة والمنكوبين والأطفال أصحاب الإعاقة وما نقوم بها نابع من الإحساس بالآخرين والمعاناة التي أفرزها الحصار الجائر والحرب الظالمة على سورية.

أحدثت كارثة الزلزال الذي ضرب سورية تحولاً كبيراً في حياة السوريين فمنذ الساعات الأولى للكارثة تنادى الناس من مختلف المحافظات للعمل على إيجاد طرق يمدون من خلالها يد العون للمنكوبين، حيث كان لبعض الأمهات في درعا دور مهم في المساعدة والدعم ومنهن السيدة عبير الأسعد وهي أم لشابين، فقد كانت في مقدمة نساء درعا اللواتي جندن كل إمكانياتهن في تقديم المساعدة للمحافظات المتضررة وأطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي نداءات لجمع التبرعات العينية لصالح المنكوبين وعملت ميدانياً من خلال شبكة علاقات اجتماعية على تحفيز عشرات الشبان والفتيات على المشاركة الفعالة في جمع التبرعات.

تقول السيدة الأسعد عن تجربتها بعد الكارثة: إن المهمة لم تكن صعبة بل تمكنت من الاستفادة من تجاربها السابقة في العمل الإغاثي والخيري مع عدة منظمات أهلية ودولية إذ سمحت لها القاعدة الاجتماعية وطرق التواصل الصحيحة بتشجيع المتطوعين الشباب على المشاركة الفاعلة، كذلك تم استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بالطريقة الصحيحة.

ولفتت الأسعد إلى أن ما حصل من كارثة لم يكن وقعه سهلاً على أحد ونحن كأمهات بادرنا منذ اللحظات الأولى لتقديم المساعدة حسب الإمكانيات، مشيرة إلى أنها كانت تصل الليل بالنهار بالتعاون مع عشرات المتطوعين لتقديم أي شيء يمكن أن يساند المتضررين مهما كان بسيطاً.

السيدة تهاني نواف الزيلع من السويداء وأم لشابين من ذوي الهمم ترعاهما وتأخذ بيديهما في دروب التعليم والحياة بمساندة زوجها دون أن يمنعها حاجز العمر عن متابعة دراستها الجامعية متسلحة بالأمل والإرادة والطموح لتتخطى جميع الظروف لتحقيق ما تصبو إليه.

أم صقر التي تقارب خمساً وخمسين عاماً ترى أن الإنسان لم يوجد بأي حال عبثا ولديه شيء ليقوم به ويثبت نفسه مهما كانت الصعوبات لأنه قادر على أن يتجاوزها بالعزيمة والإيمان ولذلك آمنت بقدرة ولديها، صقر الذي يعاني صعوبة بالنطق، وصفوان الذي يفتقد لقنوات سمعية مع صعوبة في النطق، مقدمة لهما كل الرعاية والدعم والحنان والمساندة مع حرصها أن ينالا حقهما في التعليم رغم وضعهما الصحي، في تحد لكل من يشكك بقدرتهما حتى أنها بادرت في سبيل ذلك للعمل في بوفيه مدرسة القرية لعدة سنوات لتكون قريبة من ابنها الأكبر في المرحلة الابتدائية لتأمين احتياجاته ومساعدته.

الزيلع وإيماناً منها بأن التعليم هو ضمانة لأبنائها في المستقبل لم تمنعها مشاق الحياة وانشغالها منذ الصباح الباكر كل يوم بأعمالها المتعددة وواجباتها كربة منزل ومساندة زوجها في مشروعهما الصغير لجمع الأعشاب الطبيعية من الحقول والبراري وتجفيفها وبيعها مع الاعتناء بأبقار لديهما من أن تكرس معظم وقتها لمساعدة ولديها في الدراسة حتى حصل صقر على شهادة التعليم الأساسي قبل أن تقرر أن تتقدم معه للشهادة الثانوية تحفيزاً له بعد انقطاعها عن الدراسة نحو 35 عاما لينجحا معا بفضل الإصرار والمثابرة، لتؤكد أن العمر وأي ظرف لن يقف عائقا أمام طموح الإنسان لتحقيق النجاح مع مساندتها كذلك لابنها الأصغر الذي وصل بتحصيله الدراسي إلى الصف الأول الثانوي باختصاص تقنيات الحاسوب.

الزيلع التي لم تتردد بعد نيلها شهادة الثانوية العامة من متابعة دراستها الجامعية في سن الخمسين في قسم الإرشاد النفسي بكلية التربية الثانية بالسويداء تشجيعاً لابنها الذي دخل قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وإثباتا لذاتها حققت تفوقا فيها على مدى سنواتها الخمس ونالت فيها تقدير وتكريم أساتذتها مع تحضيرها حالياً لمشروع تخرجها حول (الذكاء الروحي).

المشروع الذي تولي له كذلك الزيلع اهتمامها فاز بلقب “المشروع الرائد” ضمن الملتقى الاقتصادي الأول بالسويداء عام 2007 وتم تكريمها خلاله كامرأة نموذجية رائدة، فضلاً عن عرض منتجاتها في معارض كثيرة منها ثلاث دورات لمعرض دمشق الدولي، وهو ما شكل فرصة عمل حقيقية لها وساعدها في رعاية ولديها وإكمال مسيرتهما التعليمية.

السيدة حميدة من الرقة وأم الشهيد عبد الله تقول إنها التحقت بدورة لمحو الأمية في ريف الرقة المحرر وتمكنت بمساندة زوجها من القراءة والكتابة لكن طموحها كان أكبر من ذلك وهي تريد متابعة دراستها حتى تنال شهادة الثانوية العامة.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً