الشريط الإخباري

إفريقيا- الروسية- تستقبل ماكرون .. بقلم: مها سلطان

وفي زيارته الـ 18، حتى الآن، إلى إفريقيا، رمى الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بآخر الأوراق الفرنسية، مُعلناً تخلي بلاده عن «العقلية الاستعمارية» في التعامل مع الشعوب الإفريقية، واستبدالها بـ«علاقات متكافئة ومسؤولة»؟!

حتى الأمس القريب جداً، ما كان لفرنسا، في عهد أي رئيس، أن تنطق بهذا الكلام، حتى ماكرون نفسه ما كان لينطق به، فهو لم يفعل ذلك طوال زياراته الـ17 السابقة للقارة الإفريقية، آخرها قبل خمسة أشهر فقط، هذا رقم قياسي بالنسبة لرئيس دولة، وفشل قياسي أيضاً، إذ إن ماكرون في كل مرة عاد خالي الوفاض، باستثناء العام الماضي 2022 حيث تجاوز ماكرون حالة الفشل إلى حالة الكارثة، مع قيام عدة دول إفريقية بطرد القوات الفرنسية من أراضيها، بدءاً من مالي ثم بوركينا فاسو التي أبلغت فرنسا قبل أيام وقف العمل بما يسمى اتفاق المساعدة العسكرية الموقع معها عام 1961، وطالبتها بسحب قواتها، تماماً كما سحبتها من مالي، وصولاً إلى دول إفريقية أخرى أعلنت سعيها للمثل، ومنها الدول الأربع التي هي ضمن جولة ماكرون الإفريقية التي بدأت الخميس وشملت «الغابون، أنغولا، الكونغو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية».. ولا تزال فرنسا تحتفظ بآلاف الجنود في السنغال والغابون وساحل العاج وجيبوتي.

ربما كانت هذه الجولة لماكرون هي الأكثر واقعية، والأكثر اعترافاً بهزيمة فرنسا وخسارتها القارة الإفريقية «لمصلحة روسيا والصين»، إذ أعلن خلال جولته عن «تجميد» حالة التدخل العسكري التي كانت تقوم بها القوات الفرنسية في الدول الإفريقية التي تتواجد فيها على أن يكون التعاون العسكري المتبادل قائماً على برامج فنية وتدريبية، الرئيس الفرنسي أقرّ بأن بلاده تحتاج إلى  إظهار «تواضع عميق» لتحسين صورتها المشوهة، بل المخزية لدى الشعوب الإفريقية التي تستقبل في كل مرة ماكرون بالتظاهرات والشعارات المنددة به وببلاده وبتاريخها الاستعماري الإرهابي في القارة الإفريقية.

ماكرون حرص على التأكيد أنّ القوات الفرنسية لا تنسحب من إفريقيا ولكن ستعمل على «تحسين وجودها».. ووصل الأمر به إلى الإعلان أن القواعد الفرنسية العسكرية في السنغال والغابون وساحل العاج ستتم إدارتها ومشاركتها مع قوات الدول الصديقة، بل وستكون متاحة لشركاء خارجيين إذا رغبت الحكومات المعنية بذلك.. هل هناك أكثر من ذلك تنازلات «وتواضع!!»؟

كل ما سبق، تم الرد عليه بفعل واحد فقط، خارج السفارة الفرنسية في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، استقبل متظاهرون ماكرون بأعلام روسية. وهنا الرسالة كانت واضحة: أهلاً روسيا، وداعاً فرنسا «وأوروبا بطبيعة الحال». هذا ما سيحمله ماكرون لبلاده، وباعتقادنا أنه لن يمضي وقت طويل حتى يعود ماكرون مرة أخرى إلى إفريقيا، ليقدم المزيد من التنازلات ومن التواضع..وليعود بالرسالة نفسها.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency