الكذب لا يصنع انتصاراً-صحيفة البعث

دأب الإعلام السعودي المتصهين، منذ بدء العدوان على اليمن، على إدارة حملة لاختلاق الأعذار والمسوّغات لتبرير العدوان الإرهابي، الذي يشنه نظام آل سعود، بالوكالة عن أمريكا وإسرائيل، في حلقة جديدة من مسلسل تدمير المنطقة واستنزافها، بدءاً بسورية مروراً بالعراق، وليس انتهاء باليمن، فالمشروع الامبريالي العالمي والرجعي العربي يستهدف كل الدول العربية المقاومة والساعية للانعتاق من الهيمنة الغربية.

اعتقد نظام آل سعود ومن يسير بركبه في مضارب الخليج أنهم بمجرد التسويق الإعلامي والنفاق على شاشات التلفزة وصفحات الجرائد، والاتكاء على تغطية من “قمة جامعة”، إما اشترى صوت من حضرها بالمال أو بتذكرة طائرة أوصلته للحضور، يكونوا قد أدوا المهمة على أكمل وجه، وتناسوا حقيقة لا يمكن القفز فوقها، مفادها أن الكذب والتضليل يمكن أن يفاقم أزمة ويزرع فتن، ولكن لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يصنع انتصار.

وعليه بدأت الذرائع التي ساقها مشايخ الخليج لشن العدوان تسقط الواحدة تلو الأخرى، أولها سقطت بعد قمة شرم الشيخ مباشرة، فالرئيس، الفاقد للشرعية”، عبد ربه منصور هادي، الذي كانت إعادته الهدف الأول للعدوان ولفظه شعبه قبل أن يغادر أرض اليمن، لم يجرؤ على العودة وبقي في ضيافة آل سعود، والتحالف الذي أنشأ على عجل، وتمّت المشاركة فيه من دول في البداية كرد لتهيؤات تتعلق بجميل مفترض أو كما يقال في الدارج “هوشة عرب”، بدأ يتفكك قبل أن يبدأ، ودوله “العشر” سارعت للتنصل من وعودها الواحد تلو الآخر، فباكستان ترفض إرسال قوات لخوض معركة برية، واكتفت مصر بإرسال عدة قطع بحرية، ما يعني أنه لن يطول الوقت حتى تنكشف الحقائق ويتضح “التحالف” ضد اليمن على حقيقته، بل قد بدأت ملامحه بالظهور وهو الأمر الذي بدا جلياً بضرب البوارج الأمريكية بصواريخ الـ “كروز” لمواقع عائدة للجيش اليمني، عجزت الطائرات السعودية ومن معها عن تدميرها، في حين اقتحم إرهابيو القاعدة سجن المكلا وأطلقوا نحو 300 من أخطر الإرهابيين.

من هنا يمكن فهم ما يخطط لليمن، والذي يأتي في مقدّمته تدمير جيشه وضرب وحدته الوطنية، لإغراقه في الفوضى والاقتتال الداخلي، وهو العقاب الذي حكم عليه التحالف “الأطلسي- الرجعي العربي- الصهيوني” لأنه أراد الخروج من العباءة الخليجية، والانطلاق في مسار مختلف عن النهج الانبطاحي لحكام ممالك ومشيخات البترودولار.

ولكن مع مرور الوقت سيتضح للجميع أن أمريكا والكيان الصهيوني ورّطوا حكام السعودية في حرب ستنقلب وبالاً عليهم، فالحرب التي حددوا ساعة الصفر لشنها على شعب شقيق لن يكون بمقدورهم تحديد متى تنتهي، فنقمة اليمنيين على من قتل نساءهم وأطفالهم تتصاعد مع كل غارة يشنها الطيران المعادي على منازلهم، ويزدادون تصميماً ليس فقط على إفشال العدوان، بل واستعادة الحقوق والأرض، التي اغتصبها نظام آل سعود، في نجران وعسير وجيزان، والتي منها تنتج السعودية أكبر كميات إنتاجها من النفط، وتحرم اليمنيين منها.

في النهاية اللعب بالنار غالباً ما يعود بالخسارة على اللاعبين أنفسهم، وتورط النظام السعودي باليمن سيجره إلى الهاوية، لأن هذا هو منطق التاريخ، فالشعب اليمني الشقيق، والذي لم يستطع العثمانيون إخضاعه ولا بريطانيا السيطرة عليه، لا يمكن أن يستسلم اليوم لمحاولات إخضاعه، وسوف يكون “مقبرة الوهابية”، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.

بقلم: عماد سالم

انظر ايضاً

لا قفز فوق الأولويات

لن نبالغ في التفاؤل تجاه ما تمخّض عن زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق، …