سياسة التخلي- بقلم: منهل إبراهيم

لا يمر أسبوع إلا ويصدر دعم جديد من الإدارة الأمريكية لنظام كييف، واليوم صدر تشريع أمريكي يتضمن تمويلاً عسكرياً قياسياً ومساعدات طارئة لأوكرانيا.

الرئيس الأمريكي جو بايدن وحلفاء الغرب الغارقون في دوامة الانصياع لقراراته، لن يحصدوا سوى المخاطر على بلدانهم من استمرار الحرب في أوكرانيا، ولن تشكل حرب عبثية يقودها الغرب ضد موسكو وتراوح مكانها في أوكرانيا، بشرى سارّة لأنصارهم وأدواتهم أينما وجدت، في منطقتنا والعالم.

الغرب يواجه أزمة اقتصادية، وأزمة طاقة في وقت حالك السواد وعلى قدر كبير من الحساسية، ويواجه أيضاً أزمة عدم يقين في بلادهم سياسياً، خصوصاً في الانتخابات الأميركية، واحتمال نزاع بين بكين وواشنطن، تلوح بوادره في الأفق، مع أن الصين محنكة سياسياً وعسكرياً ولن تنجر بسهولة لمواجهة مباشرة مع الغرب، إلا إذا فرضت عليها بالإكراه، والجميع يعلم أن لكل دولة خطا أحمر تنفجر عنده لو تجاوزه الآخرون، وتايوان هي ذلك الخط الأحمر بالنسبة لبكين.

الحلف الغربي يمهد عبر قنوات كثيرة إعلامية وسياسية وعسكرية لإعلان الهزيمة في الحرب ضد موسكو، من البوابة الأوكرانية، ولعل التفكير السائد في الغرب هو أن “السيناريو الذي يمكن أن يُنظر فيه إلى روسيا على أنها منتصرة، هو ذاك الذي تصبح فيه الصين في مواجهة حقيقية مع أمريكا، ويتم انتخاب رئيس وفق النموذج الترامبي في العام 2024 وتتقدّم فيه الشعبوية في أوروبا”.

ومن هذا الباب نرى أن أمريكا والناتو ومن يلف لفهم يهادنون الصين، ويناورون للحيلولة دون الوصول لنقطة الصدام المباشر والخطير، الذي يخلط جميع الأوراق ويقلب الطاولة، وهم يدركون كم هو خطير ومدمر اللعب بورقة تايوان الحمراء.

وفي الوقت الذي تعمل واشنطن جاهدة على دعم اوكرانيا وإرسال دفعات جديدة من الأسلحة، تنطلق الأصوات من الداخل الأمريكي ساخطة على ذلك، وعلى سبيل التهكم قال بعض مستخدمي منصة التواصل الاجتماعي “تويتر”، إنه يجب الاعتراف بأوكرانيا ولاية أمريكية جديدة بسبب الدعم الهائل الذي تتلقاه من واشنطن.

كييف تعيش اليوم وتحارب نيابة عن أمريكا، لإرضاء غرور نظامها وغرور الغرب، ولن يكون بوسعها تقديم أي شيء لمواطنيها الذين ينتظرون أن يعود العقل لرأس فولوديمير زيلينسكي، فالدعم الغربي قائم مادام النظام الأوكراني يحارب خصوم الغرب، وسياسة التخلي قادمة لا محالة، وخرجت بالفعل تسريبات عبر الإعلام من شخصيات أمريكية سابقة بارزة، تقول إن زيلينسكي لن يكون في مرحلة التفاوض فيما لو جلست موسكو وكييف على طاولة الحوار.

(البنية التحتية في بلادنا أسوأ بكثير من البنية التحتية الأوكرانية)، هذا ما يقوله الأمريكيون الساخطون على إدارتهم التي تستمر بدعم كييف بملايين الدولارات، وغير المفهوم بالنسبة لهم أن يدعم رئيسهم ويحمي بكل هذا الحماس دولة ليست عضواً في الناتو، لكن بايدن يعي ما يفعل ولا يصغي لأصوات الداخل، فالمهم بالنسبة لبيته الأبيض الاستمرار بإنهاك روسيا وضرب مواقعها الرئيسية.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency