خطوات كلها تؤدي إلى الحرب! ..  بقلم: أحمد ضوا

يشهد العالم في هذه المرحلة حالة غير مسبوقة من التوتر والتهديد المتبادل بين بعض الدول القاهرة على تحويل كوكبنا إلى كتلة من نار.

ففي أوكرانيا تأخذ الولايات المتحدة عبر حلف شمال الأطلسي الأوضاع إلى مفصل خطير مع روسيا بعد إعلان واشنطن عزمها تزويد الجيش الأوكراني بأنظمة باتريوت، وهو ما حذرت منه روسيا واعتبرته خطوة استفزازية قد تؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها.

في المحيط الهادي تتواصل الاستفزازات الأميركية للصين عبر إرسال المزيد من القطع البحرية إلى بحر الصين الجنوبي وتزويد تايوان بالمزيد من الأسلحة المتطورة وتشجيع حكومتها إلى تحدي مبدأ (صين واحدة).

وليس بعيداً عن الصين، أقرت الحكومة اليابانية تعديلاً على سياستها الدفاعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بإقرارها وثيقة السياسة الدفاعية الجديدة التي تعتبر الصين تحدياً إستراتيجياً، وروسيا مصدر قلق للأمن القومي، وكوريا الديمقراطية الشعبية تهديداً خطيراً، إضافة إلى مضاعفة ميزانيتها الدفاعية السنوية، وتوحيد قيادتها العسكرية، وزيادة مدى صواريخها الإستراتيجية.

باعتراف جميع الدول الكبرى، إن اندلاع أي حرب عالمية ثالثة سيشكل خطراً مميتاً على الجميع، ومع ذلك تدفع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الصراع إلى ذروة الاحتدام في المعركة الدائرة على الأراضي الأوكرانية، الأمر الذي لن تقبل به روسيا على الإطلاق، وتحذيرها لواشنطن بـ ((العواقب التي لا يمكن التنبؤ بها)) في حال مضت بتسليمها الجيش الأوكراني أنظمة دفاع جوي، يحمل في طياته خطوات قد تتجاوز خطوط العملية العسكرية الروسية في دونباس إلى الصدام المباشر أو اتخاذ قرارات تأخذ الصراع إلى مناطق جغرافية أو جيوسياسية جديدة، وروسيا قادرة على إحداث خرق في ما يسمى الأمن القومي الأميركي في أماكن عديدة من العالم.

يخطئ من يعتقد أن موسكو ستبلع لسانها في حال تم تحييد عمل قواتها الجوية في أوكرانيا أو حتى الحد من قدرتها العملياتية، ومن يتجاهل هذه الحقائق فهو من سيتحمل عواقب الرد الروسي سواء على الأراضي الأوكرانية أم خارجها.

بالتحليل المنطقي أخطأ الغرب في تقديراته العسكرية والاقتصادية بالنسبة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهناك الكثير من الأدلة التي تثبت ذلك عسكرياً واقتصادياً، وها هو أمين عام حلف شمال الأطلسي يحذر دول الناتو بعدم الاستهانة بروسيا، وإنها تخطط لحرب طويلة خلافاً لما صرح به في الأشهر الأولى للعملية عندما زعم أن روسيا لا يمكنها خوض حرب طويلة، وأن الناتو سيعمل على استنزافها في هذه الحرب.

لا يختلف التصعيد في أوروبا عن مثيله في المحيط الهادي، حيث اتخذت الصين خطوة غير مسبوقة في إطار حماية أمنها القومي، وأرسلت سفناً حربية عبر مضيق أوسومي جنوب اليابان رداً على التحركات العسكرية اليابانية الأخيرة، وهو ما يمكن اعتباره خطوة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.

إن خطورة الوضع في المحيط الهادي دفعت وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، للتحذير من احتمال نشوب صراع عسكري حول تايوان والذي من الممكن أن يصل شرره إلى اليابان التي تتحالف مع واشنطن وتساهم بشكل غير مباشر في دعم التوجهات التايوانية للانفصال عن الصين.

لا تقتصر التهديدات بنشوب حرب عالمية ثالثة على الأحداث سالفة الذكر، بل تسهم الحرب الاقتصادية الغربية على جميع المنافسين والقوى المتحالفة أو المؤيدة أو الصامتة في كسر الاصطفاف الدولي خلال العقود السبعة الماضية وبالتالي نشوب حروب وأزمات بينية وإقليمية ناجمة بالدرجة الأولى عن الأوضاع الاقتصادية المتردية، وتدفع بالصراع الدولي إلى المواجهة المباشرة في ظل إصرار الولايات المتحدة على الاحتفاظ بهيمنتها على العالم.