(حكايات حارة المؤيد.. الجن و العاشقات)… رواية توثق تحولات تاريخ دمشق وترصد عاداتها وتقاليدها

دمشق-سانا

“حكايات حارة المؤيد.. الجن والعاشقات” رواية للأديب عماد نداف يرصد فيها تحولات تاريخ دمشق في أغلب مناطقها وبيئاتها في أزمنة متقاربة تبدأ منذ الخمسينيات والستينيات، وما دار خلال هذه الفترة من أحداث وعادات وتقاليد.

وتعتبر الرواية من أهم الروايات التي قدمت وقائع مدينة دمشق ومنعطفاتها وما كان فيها من معتقدات مختلفة ورؤى متباينة بأسلوب سردي جمع فيه الأديب بين الواقع والخيال والتزم بمقومات الحركة الروائية والفنية العالية.

ويرصد الأديب نداف التحولات والمتغيرات بسبب الخرافات التي كان يعتقد بها بعضهم مثل حكايات الجن، وما سببته في حارة المؤيد ورحيل زوجة الدكتور خالد المؤيد من القصر إلى أوروبا، وعدم استطاعة الدكتور خالد الصمود حيث بدأت حياته بالتحول والتغيير.

وفي الرواية تجلت العلاقات الاجتماعية التي بنيت على المحبة من خلال شخوص الرواية سعيد العطري والأمير الجزائري وخالد الأتيواني والدكتور خالد المؤيد ومتابعتهم للأحداث والعادات والتقاليد.

ورصد أيضاً الأديب نداف النهاية التي وصلت إليها الاعتقادات المغلوطة بالجن وما حصل للدكتور خالد داخل القصر بعد ذهاب زوجته، وتحول القصر إلى خربة بعد أن كان علامة جميلة فارقة في الحارة.

الدكتور خالد حسب الرواية الذي كان لا يؤمن بالجن بعد هروب زوجته وتعامله مع الآثار التي ظلت في القصر وصل إلى حالة نفسية متبدلة أخذته إلى الكوابيس والقهر، وعدم الذهاب إلى ما تبقى من القصر والسكن في مكان آخر.

وبين تناقض الآراء والعلاقات الاجتماعية والأقاويل وعدم رغبة شقيق خالد بهدم القصر وصلت النهاية إلى زواله عن الأرض ليبقى ذكرى في خيال أهل الحارة، كما أشار الأديب نداف في روايته إلى عادات الأعراس والتقاليد والقناعات التي يقوم بها أهل الحارة في المهر وما تؤديه هذه العلاقات إلى نهايات بعضها إيجابي وبعضها سلبي، ولا سيما عندما يعلمون بوجود حالات حب بين بعض الشباب والصبايا.

وانتقل نداف في روايته إلى فترة الرئيس شكري القوتلي وتخليه عن الحكم خلال الوحدة مع مصر وما دار في دمشق خلال هذه الفترة من آراء متناقضة بين مؤيد ومعارض وعلاقة القوتلي مع بيت المؤيد وما يطرحه أهالي دمشق بشكل عفوي من آراء سياسية، ولا سيما أيام وجود عبد الناصر في زمن الوحدة ومن أهم ما رصدته الرواية حكاية تعامل أهل الشام مع أول جهاز تلفزيوني يدخل إلى العلاقات الاجتماعية والعلاقات بين المصريين والسوريين في تلك الفترة، وعودة حكايات الجن بعد مضي سنوات عليها وكيفية رؤية أهل الشام لها.

ووصلت أحداث الرواية إلى الفترة التي ظهرت فيها الأديبة غادة السمان، ورفض بعض أهالي دمشق ما طرحته وما عبرت عنه بأشكال متفاوتة وحالات الوفاة والانتقال من بيئة إلى أخرى واللباس الذي يرتديه أهالي دمشق.

وينتهي نداف إلى عظمة دمشق وعراقة تاريخها ووقوفها عند القيم والانتماء والأخلاق برغم كل الظروف التي كابدتها وعانت منها وصولاً إلى معاناتها من كل الحروب والاحتلال، والتي انتهت بمواجهة الكيان الصهيوني أيام الوحدة مع مصر، والتي أيدها بعضهم ورفضها بعضهم الآخر.

استطاع الروائي نداف أن يخلق من جميع شخوص الرواية أبطالاً مؤثرين ومتفاعلين مع أحداثها بصدق وبشكل يجمع بين الواقع والخيال ويقنع المتلقي بمكونات الشخصية الروائية.

وما تميزت به الرواية أن الأحداث جميعها مرتبطة بالاتجاه البياني لموضوع الرواية الذي ظل متوازناً ومتحركاً إلى النهاية برغم صعوبة التعامل مع المكونات البنائية للعمل، نظراً لكثرة الأحداث ولتناقضاتها ولاختلافات الآراء المنتهية إلى المحبة.

الرواية الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب تقع في 350 صفحة من القطع الكبير من أهم الروايات التي تؤرخ لمدينة دمشق وترصد تاريخها.

يذكر أن مؤلف الرواية نداف عضو اتحاد الكتاب العرب وجمعية القصة والرواية من مؤلفاته في القصة “الكتابة على الماء” و “خجل الكستناء” و”مظاهرات غير مرخصة”، وله دراسات في الدراما التلفزيونية منها الكتابة الدرامية التلفزيونية وتطور النص التلفزيوني، إضافة إلى عدد من المقالات والكتابات المنشورة في الصحف والدوريات.

محمد خالد الخضر

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

نصوص قصصية تجمع بين الواقع والخيال في اتحاد الكتاب العرب

دمشق-سانا اللقاء الأدبي الذي أقامه فرع القنيطرة لاتحاد الكتاب العرب، وألقى فيه عدد من الأدباء …