معزوفة الأمن في أرض الآخر!.. بقلم: أحمد حمادة     

في صبيحة هذا اليوم قام الاحتلال التركي بقصف بلدة أبو راسين بريف الحسكة ما ألحق أضراراً كبيرة في منازل المواطنين وممتلكاتهم، وما حدث اليوم تكرر بشكل همجي خلال الأسابيع الماضية في معظم قرى القامشلي والرقة وأنحاء الجزيرة، فضلاً عن تدمير المحتلين لمنشآت النفط والغاز والبنية التحتية، بحجج واهية مثل إنشاء مناطق عازلة وآمنة، وضمان الأمن القومي التركي متجاهلاً أنه لا يحق لأي دولة أن تدافع عن أمنها داخل حدود دولة أخرى.

فتحت ستارات محاربة الفصائل الكردية المناوئة لتركيا، وتلك الحجج الواهية إياها، يواصل نظام أردوغان خرقه السيادة السورية، وانتهاكه حقوق السوريين، ناهيك عن اختراع ذريعة جديدة أطلقها مؤخراً، وهي الانتقام المزعوم من مفجريّ شارع الاستقلال في إسطنبول، مع أن العالم كله أدرك أن استخباراته من نفذ العملية للمتاجرة بها قبيل الانتخابات المقبلة.

لكن الحقيقة التي يمكن لنا البوح بها، ومن غير تردد، أن هذا العدوان على مدن الجزيرة وقراها ومنشآتها العامة والخاصة يأتي لينسف أوهام كل من سوق بأن تركيا تهادن روسيا، وأنها مستعدة لفتح صفحة جديدة مع سورية، وظهر للقاصي والداني أن تلك الأوهام هي مجرد مناورة في قاموس مناورات الانتخابات التي يتطلع أردوعان لكسب نتيجتها.

وما يؤكد هذه الحقيقة مجموعة من المؤشرات والمعطيات، أقلها التفاف أنقرة على قرارات أستانا وتوصياتها، وتهربها من أي التزام بموجبها، والتي أظهرت أن نظام أنقرة الإخواني لا يعيرها أي اهتمام، لا بل إنه غير مبالٍ بردود فعل الأطراف الضامنة فيها، لأن أوهامه توسوس له بأن روسيا منشغلة بحرب أوكرانيا، وصراع الطاقة مع أوروبا، وأنه بات طرفاً أساسياً، ولا غنى للعالم عنه، في مجمل المعادلات الإقليمية والدولية، ولا سيما في الحرب الدائرة على الساحة الأوكرانية.

ما يثير الانتباه أكثر أن ميليشيا قسد أداة الاحتلال الأميركي في الجزيرة، والتي تستخدمها أنقرة كذريعة لعدوانها، إضافة إلى حجج أخرى، هي ذاتها من يعتدي على المواطنين السوريين، وهي من يسرق الثروات السورية مع المحتلين الأميركيين والأتراك، وهي التي أحرقت كل سفن العودة إلى الوطن السوري، وجعلت من مشروعها الانفصالي حجة إضافية للناتو وواشنطن ونظام أردوغان للتدخل في الأراضي السورية والاعتداء عليها، هذه الميليشيا ما زالت تعيش في قمقم أوهامها ذاتها رغم أن مشغليها تخلوا عنها غير مرة، وأوحوا لمتزعميها أنهم سيستغنون عنهم في أول محطة لا تستدعي وجودهم.

واللافت أكثر في هذا العدوان الهمجي هو الصمت الأممي المريب، وسكوت مجلس الأمن الدولي عنه، وكأن حفظ الأمن والسلم الدوليين ليسا من اختصاصه في هذه البقعة الجغرافية من الأرض، وأيضاً كأن مجلس حقوق الإنسان ليس من اختصاصه مناقشة الجرائم الناتجة عن العدوان، والتي ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتشكل انتهاكاً سافراً لميثاق المنظمة الدولية.

بالمختصر المفيد سيناريو الاحتلال التركي اليوم هو ذاته الذي شهدناه على امتداد الحرب الغاشمة على سورية التي شنتها منظومة العدوان بقيادة أميركا، لكن رغم كل مآسي هذا السيناريو، وأهدافه، ومجرياته، فإنه سيرتد على أصحابه، لأن إرادة الشعب السوري أقوى من احتلالهم وعدوانهم، وعزيمته أصلب من مكائدهم ومناوراتهم، وسيطوي بهمة جيشه الوطني صفحات إرهابهم إلى غير رجعة مهما كلفه من تضحيات.

انظر ايضاً

أكبر مجزرة “صحفية”.. وعالم يكتفي بالإدانة!.. بقلم: أحمد حمادة

هنا في غزة، لا حماية دولية للصحفيين، لأن “المدلل غربياً” هو الجلاد الصهيوني، هنا قواعد …