نائلة محمود..ابنة الستين عاما تنشىء مشروعها الخاص بمهنة حياكة الحرير التراثية

اللاذقية -سانا

تسعى السيدة نائلة محمود لإحياء مهنة حياكة الحرير التراثية وإعادة الألق والبريق لها من خلال إنتاج منسوجات حريرية غاية في الروعة والجمال كادت تفتقدها الأسواق بعد طغيان المنتجات الصناعية .

وتعمل نائلة وعمرها ستون سنة في صناعة وحياكة الحرير الطبيعي يدويا منذ نحو عشرين سنة وخلال هذه الفترة شاركت بأكثر من خمسة عشر معرضا لمنتجات الأعمال اليدوية في محافظات مختلفة وكان آخرها معرض المنتجات والأعمال اليدوية الذي أقامته المكتبة العمومية بدار الأسد للثقافة في اللاذقية مؤخرا موضحة أن المعارض تشكل نافذة جيدة للسيدات لعرض منتجاتهن وتسويقها بالإضافة إلى إعادة إحياء حرف ومهن تراثية تعتبر تاريخا غنيا لبلادنا.

وتعمل نائلة حاليا في مشروعها الشخصي الذي ورثته عن والدتها وجدتها وادخلت إليه بعض التقنيات الحديثة لافتة إلى أنها بدأت مشروعها لملء أوقات فراغها بعد أن تزوج أولادها فهي تستثمر وقتها بصناعة الحرير الذي يعود عليها بمردود مادي أصبح معيلا لعائلتها ولاتستطيع الاستغناء عنه.

وبينت أن هذه المنتجات وجدت صدى واسعا عند الناس والمهتمين بالتراث وخاصة من خلال مشاركاتها بالمعارض السياحية والحرفية فمن المعروف أن الحرير قبل آلاف السنين كان يسمى الذهب الأصفر.. حيث أن له مزايا خاصة تميزه عن الألبسة الصناعية كونه مصنوعا من مادة طبيعية وصحية.

وبعد أن كانت مهنة حياكة الحرير الطبيعي محصورة بصناعة مناديل الرأس التراثية أو مايسمى بالمسلوبة طورت نائلة هذه المهنة بصناعتها ملبوسات بأشكال مختلفة وبقطب متعددة فهي تستعمل قطبا ذات تسميات مختلفة منها الشريقي والغريبي ودعسة القطة والزهرة وغيرها وتطبقها على قطع الألبسة الخاصة بالسيدات مثل البلوز والجلابيات والوشاحات والعباءات بالإضافة إلى القطع التزيينية الأخرى كأوجه الطربيزات وصواني الضيافة ومفارش الأسرة وحرامات الأطفال وغيرها.

كما أنها أضافت لمستها الخاصة للمناديل فصنعتها بأشكال تراثية وأخرى عصرية تواكب أذواق السيدات وبتقنيات مختلفة منها على شكل مستطيل تلف على الرأس لتأخذ الطابع التراثي وأخرى على شكل مثلث ليأخذ شكل شال يوضع على الرقبة وأخرى بشكل وشاح يوضع على الكتف مبينة أن الوقت الذي تحتاجه لإنهاء حياكة منتجاتها تتفاوت حسب حجم القطعة ومثابرتها على العمل فالشالات مثلا تحتاج لمدة أسبوعين أما البلوز والجلابيات والمفارش فهي تحتاج لفترة زمنية أطول قد تصل للشهر.

وتصنع نائلة جميع منتجاتها بسنارة واحدة وتستخدم الأدوات المعروفة التي كانت تستخدم قديما كما أن مراحل العمل بأكملها يدوية ابتداء من النول والمغزل وانتهاء بالصنارة فهي عندما تحضر الخيط تقوم بلفه على بكرات ثم تلف أربعة خيطان من أربع بكرات على المغزل مؤكدة أن الخيط لايعمل إلا إذا برم على المغزل وبعدها تحيكه بالسنارة الواحدة أو السنارتين.

وبعد انتهاء حياكة القطعة تقوم بغليها على النار بعد إضافة مسحوق غسيل لمدة تصل إلى حوالي الساعتين كما تضيف في بعض الأحيان مادة الصفيرة وهي مادة قديمة خاصة بمنتجات الحرير تعطي القطعة طراوة أكثر وتمنحها لمعانا وبريقا جميلا ولونا سكريا غامقا مشيرة إلى أنها إذا أرادت تلوين القطعة بالأصفر تقوم بزيادة مادة الصفيرة للقطعة المغلية.

وترى أن إقبال الناس على منتجات الحرير قليل نوعا ما وذلك يعود لأكثر من سبب حسب تعبيرها أولها لأنها غالية الثمن وتحتاج صناعتها إلى جهد كبير كما أن أذواق النساء في هذا العصر اختلفت وأصبحت تفضل ما يواكب الموضة .

ولكن بالرغم من هذا يبقى للحرير حسب نائلة سوقه ومحبيه وطالبيه فهناك الكثيرون ممن يشترون القطع الحريرية كقطع تراثية ويقدمونها كهدايا في المناسبات والأعياد المختلفة وآخرون يعتبرونه بركة وخير في المنزل .

بشرى سليمان