قمة “الشرم” العربي-صحيفة البعث

لم نكن ولم يكن العالم بحاجة إلى مزيدٍ من المعطيات عن قمة شرم الشيخ، أكثر من “لعثمات” سعود الفيصل، وهو يحاول قول شيء ما.. استنتجنا أنه رد على رسالة يمكن وصفها بـ “رسالة سلام” بعث بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمجتمعين، ولم يتضح بدقة فيما إذا كان افتعال مقاربة الشأن السوري هو سبب تربّط لسان وتأتآت “رسول” آل سعود، لتبدو سورية شوكة في حلقه قولاً وفعلاً، أم إن الزهايمر المعنّد اختار إرباكه وإضحاك كل من رأى عليه، فكان تصفيق الحضور على سبيل “جبر الخاطر”.

الفيصل بسحنته المتهالكة رغم جرعة المنشطات القوية التي تكفلت باستجماع بقايا حواس منتهية الصلاحية، كان خير من يختصر حال مرسليه ومستويات الإفلاس السياسي والدبلوماسي وحتى البدني، في عائلة نالت منها الأقدار وجزاءات الأفعال، فكان الغياب عن الوعي الخصوصية – اللعنة في يومياتهم، والتي قادت المملكة ومقدراتها إلى دوامات ومستنقعات مفتعلة، في العراق ولبنان وسورية واليمن، لم يعد الخروج منها ممكناً إلّا بثورة شعبية حقيقية تقتلع هذه الثلّة وتطهّر العالم منهم.

في شرم الشيخ التأمت قمة تلميع الخطأ ومأسسة الارتكاب، وتعليق ذنوب الساسة على شماعات الشعوب المسروقة، فكان الحدث أشبه بمسرحية، العبرة اليتيمة التي كان بالإمكان التقاطها منها، كانت دلالات المكان، فالشرم هو الانشقاق ولا نعتقد أن علينا الإسهاب أكثر، لكن لا بأس بقول ما يجب قوله نزولاً عند إملاءات التوثيق للتاريخ، وليس تقديراً لمقام المناسبة.

لقد اجترّ “عرب شرم الشيخ” معاهدة الدفاع العربي المشترك الموقعة عام 1950 التي بقيت حبراً شاهداً يوثق حقائق الفشل العربي الذريع، ويسخر ممن امتلكوا خيارات الحراك وأحجموا أمام سلسلة الاعتداءات المتوالية التي استهدفت الشعب الفلسطيني ولبنان وسورية والعراق وغيرها من بلدان ناطقة بالضاد!!. استجمعوا “ملكاتهم” فخرجوا بنسخةٍ مهزوزة من اتفاقٍ مضى عليه 65 عاماً، مدعين النية لبلورة “قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات وصيانة الأمن القومي العربي بما في ذلك تهديدات التنظيمات الإرهابية بناء على طلب الدول المعنية”!!.

ورغم عدم قناعتنا – استنتاجاً بالتجربة المديدة – بعقم مؤسسات العمل العربي المشترك ممثلة بأشخاص باتوا فاقدي الأهلية أكثرية في قوامهم، إلّا أننا سنفترض أن ثمة نيات لدى “فرسان شرم الشيخ” بشأن مكافحة الإرهاب عبر “القوة العربية” التي بشروا بها، لنسأل ونستفسر عن وجود توافقات على تعريف الجماعات الإرهابية وإحداثيات نشاطها الراهن، ومن الذي سيقرر ويحدد ملامح الإرهاب.. هل هي السعودية مثلاً.. أم قطر؟.

وبما أن على داعم وصانع الإرهاب ما على الإرهابي من جزاء وعقاب، ألم يكن من المفترض إلقاء القبض على سعود الفيصل، واقتياده موجوداً من على الكرسي، الذي ناء بحمله وهو يتخبط بهلوساته وتهويماته، بوصفه ممثلاً لأكبر وأخطر داعم للإرهاب في العصر الحديث؟.

ثم هل ستعني “صيانة الأمن القومي العربي” أن القوة العربية المزمعة ستلقن “إسرائيل” درساً مصيرياً وجودياً، بما أنها أخطر تهديد ماثل يتحدى العرب من محيطهم إلى خليجهم؟.

وهل سيلزمون نتنياهو بسحب تصريحاته بخصوص “الصديق السعودي الواعد”، أم سيقطعون الأيدي السعودية التي امتدت علناً في محافل دولية لمصافحة قاتلي أطفال غزة وقانا؟.

ندرك أنها تساؤلات أكبر من قياس “مخاتلي شرم الشيخ”، لكن كان لا بد من طرحها بمناسبة “الإنجاز العربي المحسوب”، ولسنا متعجلين في طلب الإجابات، فمساحة الصبر تمتد من الآن حتى توفّق الأقدار هؤلاء في بلورة “قوتهم الموعودة” ونحن في الانتظار.

بقلم: ناظم عيد

انظر ايضاً

خريطةُ طريقِ البقاء.. بقلم: ناظم عيد

بما قلَّ ودلّ، اختصَرَ السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته أمامَ القمّة العربيّة في جدة، …