يدمّرون مناخ الأرض.. ويتباكون عليها! بقلم: أحمد حمادة

ربما أكثر ما يغيظ أطفال العالم هذه الأيام، التي يتابع فيها آباؤهم قمة المناخ العالمية في شرم الشيخ، أنهم يستمعون لزعماء الدول الغنية وهم يحاضرون عن ضرورات الحد من الوقود الأحفوري كي يحافظوا على كوكب الأرض سليماً معافى، مع أنهم للتو وقد وصلوا على متن طائرات خاصة، عبرت سماء بلدانهم، ومن فوق شركاتهم التي تستخدم الوقود الأحفوري لتحافظ على أرباحها وجشعها، دون أن يحتجوا على ذلك، بل كانوا من المصفقين لجريمة تلك الشركات على الدوام.

وربما أكثر ما يغيظ علماء المناخ أيضاً أن محاضرات هؤلاء الزعماء في شرم الشيخ وفي القمم التي سبقتها، وربما التي ستليها، لا تمل من الحديث عن ضرورة عزل ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج من المداخن الصناعية، مع أن مداخن مصانعهم العملاقة تنفث بسمومها في سماء الكوكب كله، وربما تصل لاحقاً إلى المريخ والزهرة.

فلا تسمع منهم إلا عبارات كفانا قتل أنفسنا بالكربون، وكفانا التعامل مع الطبيعة كمكب قمامة، وكفانا حرقاً وحفراً واستخراجاً على أعماق أكبر، ونريد إنقاذ العالم من ظاهرة الاحتباس الحراري، ونرغب بتخليص البشرية من ظواهر مدمرة ومن تسونامي سيغرق مدناً عالمية بأكملها، مع أن دولهم وشركاتهم الجشعة هي التي تقوم بكل هذه الموبقات.

يقولون: إن ساعة نهاية العالم تدق، فالمحركات الضخمة للمصانع العملاقة التي تنفث الكربون في الهواء تتسبب في أضرار كبيرة للكوكب، وباتت زيادة درجات الحرارة في الأرض بسرعة كبيرة لا تحمد عقباها، ولا بد من أهمية تقليل الاعتماد على الفحم نظراً لخطورته في الاحتباس الحراري والتغير المناخي، مع أن شركاتهم هي التي تسرّع عقارب الساعة إلى النهاية المحتومة.

ويقولون: لا ترفعوا الحرارة أكثر من درجتين مئويتين، لأننا نخاطر بالإنتاج الغذائي العالمي، والجراد سيجتاحنا، وستتزايد الأعاصير والفيضانات والجفاف وموجات الحر الشديد، وسنشهد الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وتغيير في شكل الخارطة العالمية، وستغرق جزر كثيرة تحت أمواج البحار.

لا يملون من الحديث عن ضرورة تعزيز الزراعة الحضرية، والنصح بزيادة مساحة الغابات، لأنها تقوم بتنظيف الأرض من ثاني أكسيد الكربون، مع أن بلدانهم هي التي تقوم بحرق أكبر مخزون من الغابات في العالم، والأمازون شاهد، ولأسباب ربما سياسية قبل أن تكون بيئية، ويعرفها القاصي والداني.

لا صوت يعلو على صوتهم، وهم ينادون بضرورة إعادة الهواء نقياً إلى عالمنا، وهم يتحدثون عن الطاقة البديلة والمناخ السليم، مع أن بلدانهم هي التي دمرت مناخ الأرض بدخان مصانعها الأسود الذي تنفثه، ويملأ السماء بانبعاثاتها الكربونية الهائلة، وشركاتهم هي التي أحرقت غابات كندا وأفريقيا والأمازون.

حذرهم الفقراء والمتضررون من العواقب السلبية لتبدل المناخ بسبب سياساتهم الاقتصادية الجشعة، لكنهم ما زالوا يغمضون عيونهم، ويصمّون آذانهم عن تلك التحذيرات أولاً، وعن انبعاث الكربون وكوارثه تالياً،

بسبب أطماعهم وجشعهم، شركاتهم الاحتكارية العملاقة في أميركا والغرب هي التي تتجاهل دوماً كل التوصيات والمناشدات والمحاضرات، لأنها ليست على استعداد للتخلي عن جشعها وأرباحها الخيالية التي تجنيها من مصانعها التي تنفث الكربون.

أما تعهدات واشنطن بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة فلن تتحقق، لأنها ببساطة تكذب بالمناخ والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتكذب بمحاربة الإرهاب، وتكذب بكل نفس تتنفسه، وربما تفسد أنفاسها مناخ الأرض بغاز الكربون الذي تطلقه رئتاها.

في شرم الشيخ وبعدها يبدو أن الفيضانات الكارثية التي اجتاحت باكستان هذا الصيف، وغمرت ثلث البلاد تحت الماء ستبقى مشكلة قائمة، وستبقى أميركا الشمالية تعاني أسوأ جفاف لم تعرفه منذ عام 1200، وستبقى مشكلة الشلل بإنتاج الطاقة الكهرومائية في الصين وغيرها، وسيستمر انهيار جبال الجليد الهائل في القارة القطبية الجنوبية، وسنظل نعاني من الأعاصير والتصحّر والكوارث الطبيعية الناتجة عن زيادة انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وستظل أوروبا مسؤولة عن أكثر من نصف فائض ثاني أكسيد الكربون في غلاف الأرض الجوي، باختصار لأن البلدان الصناعية الغنية لا تريد مصلحة الكوكب وسكانه، بل الحفاظ على مصالحها الجشعة.

انظر ايضاً

أكبر مجزرة “صحفية”.. وعالم يكتفي بالإدانة!.. بقلم: أحمد حمادة

هنا في غزة، لا حماية دولية للصحفيين، لأن “المدلل غربياً” هو الجلاد الصهيوني، هنا قواعد …