أميركا الجنوبية تبتعد أكثر عن واشنطن..بقلم : عبد الرحيم أحمد

صحيح أن الانتخابات الرئاسية في دول القارة الأميركية الجنوبية هي سجال بين اليمين المؤيد للولايات المتحدة الأميركية واليسار المناهض لسياسات الهيمنة التي تنتهجها واشنطن مع دول القارة، لكن موجة الانتصارات الأخيرة التي حققها اليسار وتسلمه الرئاسة في كبرى دول القارة يشكل ضربة قاسية لمشاريع الهيمنة الأميركية إقليمياً وعالمياً.

في الواقع، شكل انتصار الرئيس اليساري إيناسيو لولا دا سيلفا أمس على خصمه السياسي اليميني المتطرف جايير بولسونارو المعروف بميوله السياسية تجاه الولايات المتحدة الأميركية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، ضربة قاصمة لسياسات الهيمنة الأميركية لما تتمتع به البرازيل القوة السياسية والاقتصادية الأكبر في القارة الجنوبية من وزن على مستوى القارة وعلى المستوى الدولي، خصوصاً أن هذا الانتصار جاء بعد عدة ضربات تلقاها حلفاء الولايات المتحدة في كل من المكسيك وكولومبيا ونيكاراغوا وهندوراس وتشيلي والإكوادور بانتصار اليسار التقدمي وتولي قيادة تلك الدول.

ولن ندخل في بحث سجل الرئيس لولا دا سيلفا وإنجازاته الداخلية خلال فترتي حكمه من عام 2003 وحتى عام 2011 والتي أثبت خلالها قيادة استثنائية وحقق تطوراً منح البرازيل موقعها الاقتصادي والسياسي البارز بدخولها مجموعة البريكس كقوة اقتصادية كبرى إلى جانب روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا، بالرغم من أن هذا السجل يستحق التقدير وهو الذي عاد به إلى سدة الرئاسة بعد محاولة إقصائه نهائياً عن الحياة السياسية بوضعه في السجن.. وهو القائل بعد الفوز.. “لقد حاولوا دفني حياً وها أنا أعود من جديد” لقيادة البرازيل الموحدة ولاستعادة دورها وموقعها بين الأمم.

ما يعنينا نحن شعوب الشرق الأوسط من قيادات الدول في أميركا اللاتينية وغيرها في العالم عاملين أساسيين اثنين: أولهما موقفهم من القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي، وثانيهما موقفهم من سياسات الهيمنة الأميركية التي تحاول فرضها على العالم عبر القطبية الأحادية لما لذلك من تأثير سلبي على مستقبلنا ومستقبل شعوب العالم.

ويكفي أن نذكر أن الرئيس لولا دا سيلفا أول من اعترف خلال توليه سدة الرئاسة في البرازيل بالدولة الفلسطينية ودعم حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين، كما يكفي أن نذكر اليوم أن الرئيس بولسونارو لايعترف بالشعب الفلسطيني أساساً، والدليل أن زوجته أدلت بصوتها في الانتخابات الرئاسية وهي ترتدي قميصاً عليه رسم علم كيان الاحتلال الإسرائيلي، لنعرف الفرق بين الرئيسين ولنأخذ الموقف المناسب.

ومما لاشك فيه أيضاً أن فوز لولا دا سيلفا سوف يساهم بقوة في دق المسمار الأخير في نعش القطبية الأحادية التي تحاول الولايات المتحدة اليوم إطالة أمدها وفرضها كمصير محتوم على شعوب العالم عبر حشد الناتو إلى جانب أوكرانيا في الحرب ضد روسيا بهدف منع انهيار منظومة الهيمنة الأميركية التي تتلقى الضربة تلو الأخرى.

ومن هنا فإن الرئيس البرازيلي الجديد سيكون له دور أكبر في تعجيل ولادة النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب، باعتباره رئيساً يسارياً مدافعاً عن الفقراء في بلده وفي العالم وعن الرخاء الاقتصادي والشراكة وهذا سوف يتعزز من خلال مجموعة البريكس التي بدأت تتوسع لتضم دولاً مثل إيران والسعودية.

ويأتي فوز اليسار في البرازيل في وقت بدأ قادة أميركا يتمردون على الهيمنة الأميركية وقد ظهر ذلك جلياً في قمة الأميركيتين التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن حزيران الماضي وقاطعها كل من رؤساء المكسيك والسلفادور وهندوراس وغواتيمالا احتجاجاً على استبعاد رؤساء فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا من الدعوة للحضور، ما يشير بوضوح إلى أن عصر الهيمنة الأميركية والقطبية الأحادية تلفظ أنفاسها الأخيرة والبداية من أميركا الجنوبية.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

لجنة الانتخابات الرئاسية الإيرانية تعلن انتهاء عملية التصويت وبدء عملية فرز الأصوات

طهران-سانا أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات الوطنية الإيرانية محسن إسلامي عن انتهاء عملية التصويت، وإغلاق …