قراءة في تطورات إيجابية- بقلم: شوكت أبو فخر

تطورات لافتة شهدتها الأيام والساعات القليلة الماضية، لها علاقة مباشرة بتطورات الوضع في المنطقة، وتشي بإمكانية حصول تغييرات، سيكون لها تأثير كبير في الأيام المقبلة، بما خص الموضوع السوري عامة، والوضع في الشمال والشمال الشرقي من سورية خاصة.

أولى المؤشرات تقديم النائب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي، جمال بومان تعديلاً على قانون الدفاع الأميركي الجديد من شأنه إن تم إقراره، أن يؤدي إلى خروج قوات الاحتلال الأميركية من سورية، وإعلان الخارجية الأميركية، تعيين إيثان غولدريتش كمعاون نائب وزير الخارجية ومسؤول عن الشرق الأوسط و«التواصل» مع سورية، خلفاً لإيمي كوترونا التي عُينت ممثلة لشؤون سورية بالإنابة في شباط الفائت، ملغية بذلك منصب «المبعوث» الأميركي الخاص للملف السوري والذي كان معمولاً به خلال السنوات الماضية.

تحرك النائب الأميركي يأتي في وقت يتصاعد فيه الحديث حول انسحاب أميركي محتمل من سورية، يتبع الانسحاب الذي أجرته الولايات المتحدة من أفغانستان والذي ستقوم به في العراق قبل نهاية هذا العام، الأمر الذي دفع بقيادات ميليشيا «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالية والمحمية من المحتل إلى التصريح علناً بضرورة أن تقوم واشنطن بإعلامهم قبل خروجها من سورية مستحضرين المقولة الشهيرة “أميركا دائماً ما تتخلى عن حلفائها”.

وفي التطورات أيضاً يمكن ملاحظة نبرة وحديث رئيس النظام التركي رجب أردوغان قبل أقل من أسبوع على لقاء مرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أمل أردوغان أن تغير روسيا نهجها إزاء الملف السوري.

تصريحات أردوغان اعتبرها محللون ومراقبون لا تأخذ في الاعتبار المعادلات الجديدة على الأرض السورية والمنطقة العربية عموماً،وذهب المراقبون إلى اعتبار موقف أردوغان الأخير فيه استشعار إلى خطورة الموقف الذي أمسى عليه، فهو من جهة لا يقوى على اللعب مع الروسي من زاوية القوة نفسها، ما قد يكلفه غالياً، لاسيما أن موسكو مستاءة من التحركات التركية في أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان، خاصة أوكرانيا، التي أعلنت تركيا مراراً دعمها لها وتأكيدها عدم الموافقة على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ما يشكل حساسية تاريخية خاصة لروسيا.

ومن جهة ثانية تشير تصريحات رئيس النظام التركي إلى وجود اختلافات في الرؤى، ومحدودية في التفاهمات التركية- الروسية بشأن الأزمة السورية، ومن جهة ثالثة تشير أيضاً إلى حقيقة أن التقارب الحاصل بين البلدين لا يضع علاقتهما في موقع التحالف الإستراتيجي، وإنما هو أقرب إلى التكتيكي، الذي فرضته جملة من الظروف المتعلقة بتطورات الأزمة السورية، وبتوتر العلاقات التركية مع الغرب، ومن هنا باتت التفاهمات التركية- الروسية عموماً وبشأن سورية على وجه الخصوص أمام لحظة مفصلية جديدة.

الأيام المقبلة ربما تشهد تغيراً كبيراً على المشهد السوري، لاسيما إذا علمنا بالرسائل التي أودعتها أنقرة لدى جماعاتها الإرهابية في سورية والطلب منهم حزم الأمتعة لتغيير “وجهة الجهاد”، على ضوء المواقف والرسائل الروسية– السورية.

أيضاً في التطورات التي من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي على الموضوع السوري، يمكن قراءة النشاط الدبلوماسي المكثف للوزير فيصل المقداد، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والسبعين.

نشاط كشف وجود أرضيات تفاهم والتقاء مع العديد من نظرائه من الدول الشقيقة والصديقة، ما يؤشر أيضاً إلى وجود آفاق واسعة لانفتاح وتعاون بين دمشق والعديد من العواصم المهمة في المنطقة والعالم.

انظر ايضاً

ما يدعو إلى العار.. بقلم:شوكت أبو فخر

بعد مرور عقدين على غزو العراق، مازالت هذه الجريمة بمثابة الكارثة التي تؤرق -ليس العراق …