نبع”بيت شلهوم” بوادي العيون مقصد ساحر في كنف الطبيعة

حماة-سانا

بطبيعة خلابة ومناخ جبلي تربعت مدينة وادي العيون على جبلين وواد وكان لجمال المنظر وتنوعه وغلبة الخضرة عليه أهمية في إعطاء مقومات سياحية ناجحة لهذه المدينة التي يرجع تسميتها إلى كثرة العيون والينابيع فيها والتي تزيد على 360 عين ماء منها الصغير والكبير وهي تشكل بمجملها جداول وسواقي تنحدر إلى الوادي وتشكل نهرا دائم الجريان يصب شمال مدينة طرطوس.

2ومن أغزر هذه الينابيع والعيون نبع بيت شلهوم الذي يأسرنا صوته قبل رؤيته ونحن ننشد مصدر الصوت الهادر الذي يغرق كل ما حوله بلحنه الرتيب المهيب وتقودنا إليه الجداول والسواقي المتشعبة عنه وما يميز هذا النبع منظر تداخل مياهه مع أشجار الصفصاف والدلب والقطلب مع صخور الجبال الكارستية البيضاء التي تمنح الإحساس بعبق الطبيعة وبتجلياتها الساحرة.

وللنبع أهمية بالغة في حياة سكان المنطقة منذ القدم وحتى اليوم على حد قول مختار وادي العيون مصلح العلي وأضاف.. “قديما كان للنبع قدسية خاصة عند الأهالي لأنه كان منهلهم الذين يؤمنون منه حاجاتهم من الماء لأغراض الشرب والنظافة والزراعة وكانت تجر مياه النبع إلى المنازل بطرق قديمة عبر سواقي وأقنية محفورة يدويا تمر بين الأراضي والبساتين حيث توزع هذه المياه بالاتفاق بين الأهالي وكان يطلق على فترات توزيعها “عدان” كناية عن فترة زمنية محددة وفي أوقات الإفاضة تترك المياه لتصب من تلقاء نفسها في النهر ومن ثم إلى البحر”.

ولفت مختار القرية إلى أن مياه النبع فيما مضى كانت أكثر غزارة وكانت تكفي وتزيد عن حاجة كل قاطني الوادي مؤكدا أن الكثافة السكانية كانت منذ القدم ومازالت متركزة حول الينابيع وسط مدينة وادي العيون التي تمتد بين السفوح نظرا لوجود النسبة الأكبر من الينابيع فيها.

وأشار العلي إلى أن المدينة اتجهت في السنوات الأخيرة إلى السياحة وأصبحت تعتمد على هذا المورد أكثر من الزراعة بسبب تطور الحياة وازدياد عدد السكان مضيفا “إن وادي العيون اشتهر عند السواح والمصطافين من مختلف البلدان العربية لكثرة مياهه التي تمد طبيعته الجبلية بسر الحياة”.

ونتيجة جمال الطبيعة وإقبال السياح على هذه المنطقة انتشرت المقاهي والمطاعم السياحية حول الينابيع ويقول نادر محفوض صاحب أحد المقاهي الموجودة بالقرب من النبع “تعتبر شلالات وينابيع وادي العيون أحد المقاصد المميزة على مستوى سورية لجمالها وغزارة مياهها حيث تم استثمارها سياحيا بشكل يوفر فرص العمل للكثير من أبناء المدينة” لافتا إلى “أن نبع بيت شلهوم بشكل خاص يعتبر أفضل أماكن الاستثمار والجذب السياحي للزائرين لأن النبع يتفجر من مغارة من عمق الصخور”.

3وأضاف “هناك الكثير من الاستراحات والمقاهي الصغيرة منتشرة بالقرب من الينابيع وبات نجاح أي مشروع سياحي مرتبط بتواجده قرب ينبوع ماء أو غدير وأن كثرة الينابيع والجداول في منطقتنا أكسبتها سمعة سياحية كبيرة وبات لنا مستقبل سياحي واعد لكننا ما زلنا بحاجة إلى المزيد من توفير الخدمات السياحية وهذا يتطلب جهودا كبيرة من قبل وزارة السياحية لتنشيط الحركية السياحية في فصل الشتاء”.

وعن مدى تأثير نبع بيت شلهوم في حياة أهالي وادي العيون قال زكريا سلمان من سكان المدينة “يشعر معظمنا بسعادة غامرة عندما يتفجر ويفيض النبع وتتدفق مياهه في شلالات تنحدر إلى الوادي وكأنه ينبعث من جديد وهو يشير إلى تجدد الحياة واستدامتها بعد أن تمر بمراحل مختلفة” ويضيف “يشعرنا تجدد مصادر المياه بالتفاؤل والفرح لأنه يبشر بسنة من الخير والوفرة والتي بدأت ملامحها تظهر هذا العام من كثرة الأمطار”.

وأشار سلمان إلى “أن للنبع مكانة خاصة لدى أهالي المنطقة فهو كان ومازال حتى اليوم مقصد العشاق حيث كان الشباب والصبايا يجتمعون حوله في فصلي الربيع والشتاء ليتمتعوا بجمال مظهره وهو بمثابة مرفأ اجتماعي يتيح للشباب التعرف على الصبايا ومن ثم الخطبة وله اليوم الكثير من الفضل في هذا الميدان كما أنه مكان محبب لدى أهل الوادي للترفيه عن زوارهم وأصدقائهم من خارج المدينة ليستمتعوا بجماله وصفائه والجلوس في كنف الطبيعة الغناء”.

ولاتقتصر فوائد النبع على السياحة والاصطياف كما يقول رئيس البلدية المهندس علاء إسبر لافتا إلى أنه يؤمن نحو 70 بالمئة من حاجات سكان وادي العيون لمياه الشرب وبالتحديد المنطقة الشمالية الواقعة على كتف الجبل.

وأشار إسبر إلى أن “الجفاف الذي عانت منه المنطقة في السنتيين الماضيتين جعل النبع غير قادر على تغطية حاجة الأهالي لمياه الشرب صيفا وهي ظاهرة لم تحدث يوما قط الأمر الذي استدعى تدخلا فوريا وسريعا حيث تم حفر بئر ارتوازي احتياطي عند المدخل الشرقي للمدينة يستعان به في سنوات الجفاف لضخ مياه الشرب إلى جميع الأحياء”.

سهاد حسن-عيسى حمود