بيضة الديك الأمريكي

قد يكون من السذاجة الإلحاحُ في التساؤلات حول حقائق يوميّات المشهد السوري و”شبيهه” العراقي المستجد، لجهة ما يتّصل بآثار البصمة التكفيريّة في أحدث نسخها “الداعشيّة”، رغم أنَّه إلحاح مفترض ومسوّغ، على خلفية الكمِّ الكبير من التناقضات التي تعتري علاقة الأطراف الخارجية، المعلنة والمستترة، بمجريات حرب هي الأقذر في العصر الحديث.
لكن إن كان من الحكمة والفطنة، الظنّ بأصحاب السوابق، إزاء أيّة واقعة سوء من نوع جريمة أو جنحة، سيكون على من يهمه الأمر التحرّي عن الأصابع الأمريكية في محنة الشرق الأوسط “الجديد”، رغم التباين المُحرج بين موقف واشنطن من “داعش وأخواته في سورية” وموقفها المعلن من “الجائحة” ذاتها في العراق، ونتحدّث هنا عن المواقف المعلنة وليس إلّا، لأنَّ التجربة علّمتنا أنَّ الأمريكيين حاذقون في أساليب التعمية وخلط الأوراق، ولعلَّ ما جاء في اعترافات سوزان لينداور العميلة وضابط الاتصال السابق في الـ “سي آي إيه”، حول حقائق فبركات “بركان” الحادي عشر من أيلول، والمعلومات الصادمة المتصلة بافتعال ذرائع الحرب على العراق، لعله يكفي لنتأكد أن “العطاس الأمريكي يصيب العالم بالزكام دوماً”.
وعلى ذكر العطاس ثمَّة جهات وهيئات طبية عالمية وخبراء كبار أكدوا أنَّ جائحة أنفلونزا الخنازير، والأخرى التي عصفت بدجاج هذا العالم كما بشره، هي من إنتاج مخابر متقدِّمة لشركات أدوية أمريكية، وكذلك داء “السيدا”، الذي كانت إفريقيا حقل التجارب الأول والمطرح الخصب لنشره، مروراً بـ “أيبولا والجمرة الخبيثة”، وصولاً إلى سلسلة الكوارث المستعصية، التي تسوّقها منظمة الصحة العالمية، لحساب شركات وضعت الداء لتبيع الدواء، والحصرية هنا ميْزة مطلقة تعد بأطنان العائدات المنهوبة والمسلوبة، فكيف بداعش وجيوش الإرهاب والتكفير؟!.
أليست جحافل الارتزاق، ذلك “الجراد الالكتروني” الذي أنتجته جذوة الاستحواذ والسطوة ذاتها، والتي بتنا على يقين من أنَّها خصلة جينيّة أمريكية، موروثة عبر قناة الاصطفاء من القراصنة الأجداد، وتؤكد وقائع التاريخ أنهم لو لم يكونوا أخطر من الحيتان و”شياطين البحر” لما نجوا من مغامراتهم واجتازوا آلاف الأميال الفاصلة بينهم وبين العالم الجديد، ومارسوا أوّل حرب تطهير عرقي وإلغاء ضد الهنود الحمر؟!.
الخصلة ذاتها وبذات الإسقاطات والمجريات التي أنتجت دولة موصوفة بالعظمى، اسمها الولايات المتحدة الأمريكية، أنتجت “مملكة رمال آل سعود” على جماجم آل الرشيد، ومن اللافت سهولة المقاربة ورصد التماثل بين تفاصيل نشأة ولاية رعاة البقر، ومملكة “رعاة الإبل”!.
من هنا نعود لنزعم سذاجة الحيرة بحقائق “داعش” وما سبقها وسيليها من سلسلة إنتاج ما يشبه “زواج المسيار” القائم على خلفيات إلحاح الغرائز الأمريكية-السعودية، وسطحية من أخذتهم القشور المعلنة، وأدمنوا التمايل والتقلب مع تذبذبات موجات التوصيف الأمريكي والسعودي، لما يجري الآن في العراق، وجرى ويجري هنا في سورية، حتى وإن تحدثت أموس عن ممارسات “المعارضة المسلَّحة” في سورية، وإن فبرك آل سعود قوائم خاصة بالإرهاب، ولو تلاعب أوباما بالألفاظ وباح بمذمَّة شريحة من حشود مرتزقة منحطَّة، أمريكيي المنشأ والتدبير والتمويل والتعتيد!.
أمّا آخر الأخبار “الجاذبة” الذي سنختم به، فهو أن “آل صهيون” قلقون هذه الأيام من داعش العراق.. لكنَّهم غير قلقين من الطراز ذاته في سورية.. نقطة انتهى!.

بقلم ناظم عيد