الآثار السورية توثق غنى البادية السورية النباتي والحيواني

دمشق-سانا

تؤكد المعطيات الأثرية أن منطقة بادية الشام التي أصبحت اليوم شبه قاحلة كانت في الماضي غنية بالينابيع وبالغطاء النباتي وبأنواع عديدة من الحيوانات انقرض منها عدد مهم.

وقال المؤرخ الدكتور محمود السيد نائب مدير المخابر وقارئ النقوش الكتابية القديمة في المديرية العامة للآثار والمتاحف إنه تم اكتشاف بقايا عظام لحيوانات عديدة من بينها البقريات والظباء والخيليات والقط البري الكبير والثديات الكبيرة كالجمال والفيلة ووحيد القرن في موقع بئر الهمل المؤرخ بنحو مليون وخمسمئة ألف عام والواقع في حوض الكوم في قلب البادية السورية بين الرقة شمالا وتدمر جنوبا أي في منتصف الطريق بين وادي الفرات وواحة تدمر وهو عبارة عن بئر محفور ضمن تلة أشبه بالهضبة على عمق 25 م واسع من الأعلى يضيق باتجاه الأسفل تتوضع حوله ثلاثون طبقة أثرية.

وأضاف السيد يبقى أهم اكتشاف في موقع بئر الهمل ثلاثين قطعة من هيكل عظمي لجمل عملاق يعتبر النموذج الوحيد المكتشف في العالم حتى الآن يبلغ حجمه ضعفي حجم الجمل الحالي وارتفاعه ما بين ثلاث و أربع يردات أي أن حجمه يوازي حجم الفيل الإفريقي وهو من فصيل الجمل وحيد السنام لكنه ضخم وطويل علما أن الجمل المدجن ظهر في منطقة الشرق الأوسط في الفترة الواقعة ما بين 7/6 آلاف عام وبالتالي فإن الجمل العملاق كان جملا بريا ويمثل النموذج البري للجمل الحالي. وقد انقرض هذا الجمل منذ حوالي 100000 عام.

كما اكتشف في الموقع نفسه بقايا عظام جمال من فئات غير معروفة وجدت في سويات أثرية تؤرخ بأكثر من 400000 عام ما يؤكد آثاريا أن سورية وبادية الشام كانت المنطقة الأولى في العالم التي شهدت تطور ونمو فصيلة الجمال بكل أنواعهاكما اكتشف في الموقع نفسه فك سفلي لأسد وعظام نعامة وبقايا عظمية لحمار الوحش.

وأشار المؤرخ أن تحليل بقايا غبار الطلع في عدة سويات أثرية تؤرخ بالعصر الحجري في موقع الندوية شمال تدمر تؤكد غنى الموقع بطبقات عشبية غنية بالأنواع النباتية غلبت عليها السرمقيات والنجيليات و النجميات كالأقحوان والهندباء والأرطماسية والقرنفليات والخشخاشيات ونباتات مائية كالسعديات وسلق الماء وشريط الماء كما تدل على انتشار بعض أنواع الأشجار التي لم تعد موجودة حاليا أو نادرة جدا كالصنوبر والعرعر والسرووالبلوط والزيتونيات.2

وأوضح أن البقايا العظمية لجمال وخيول برية وحمير الوحش وغزلان مختلفة الأحجام وظباء والمها والبقريات الكبيرة والسلاحف وأسود وفيلة وضباع ونعام ووحيد القرن تؤكد غنى البادية السورية بأنواع كثيرة من الحيوانات وغناها بالغطاء النباتي خلال فترة العصر الحجري القديم علما أن دراسة بقايا غبار الطلع المحفوظة في رواسب بحيرة تقع في موقع المشرفة الواقع على أطراف البادية السورية وهي جافة الآن تؤكد أنه كانت توجد بين عامي 2500/1700 ق.م غابة تنتشر فيها بكثافة أشجار العرعر والبلوط كما توثق البذور المتفحمة المؤرخة بالألف الثالث ق.م ازدهار زراعة الشعير والقمح والخضار وشجيرات العنب وأشجار الزيتون.

وقال السيد إن بقايا الحيوانات المؤرخة بعصر البرونز القديم الرابع تؤكد وجود قطعان مهمة من الغنم والماعز والبقر والجاموس البري المنقرض والغزلان والحمار الآسيوي البري المنقرض وأن المخطط البياني لحبيبات غبار الطلع يؤكد أنه بحدود عام 1700 ق.م حدث تراجع و اضح لغابات العرعر والبلوط وتزايد مساحات الأراضي المكشوفة المؤلفة من مراع تحتوي على أعداد قليلة من الأشجار المتفرقة.

عماد الدغلي

انظر ايضاً

الآثار السورية في المتاحف الأوروبية… محاضرة للدكتور نزيه بدور في ثقافي حمص

حمص-سانا تزخر مجموعة من المتاحف الأوروبية بعدد من التماثيل والنقوش البارزة والآثار السورية